*
الاربعاء: 09 تموز 2025
  • 05 تموز 2025
  • 16:39
الزلازل بين الجيولوجيا والسياسة
الكاتب: زهير الشرمان

خبرني - الزلازل لم تعد في عصرنا مجرد اهتزازات أرضية معزولة بل تحولت إلى لحظة كاشفة تختبر قدرة الدول على إدارة الأزمات وتفحص جاهزية أنظمتها الحيوية وكفاءة بنيتها التحتية ومدى مرونتها في مواجهة المخاطر المفاجئة.

في ثوان معدودة تختصر الكارثة سنوات من السياسات التخطيطية او غيابها وتكشف الفجوات العميقة في الأداء المؤسسي وتضع أجهزة الدولة والمجتمع أمام اختبار مصيري يتعلق بالحياة والكرامة والسلامة العامة.

رغم أن الزلازل لا تحمل دوافع سياسية في أصلها إلا أنها تتحول في بعض السياقات إلى مرآة تعكس بنية السلطة وعمق الثقة بين المواطن ومؤسساته وقدرة المجتمع على التماسك وتجاوز المحنة بروح تضامنية شفافة.

الكارثة الطبيعية لا تدين أحدا لكنها تسلط الضوء على ما لم يعطى حقه لسنوات وتفتح الباب أمام مراجعة الأولويات الوطنية في مجالات التخطيط العمراني ونظم الإنذار المبكر وتوزيع الموارد وثقافة السلامة والمسؤولية العامة.

اما في بعض الدول فتشكل الكوارث الطبيعية دافعا حقيقيا للإصلاح من خلال تعزيز الشفافية وتقييم سلوك المؤسسات الرسمية وإعادة النظر في بنية التشريعات وآليات الإنفاق العام المتعلقة بإدارة الكوارث والطوارئ.

اما من ناحية النقاش المتصاعد حول احتمالات التأثير التكنولوجي على المناخ أو التكوين الجيولوجي مثل برنامج هارب فإن هذه الأطروحات تظل ضمن النقاشات العلمية المشروعة ويجب دعم الأبحاث المستقلة لفهم أعمق للعلاقة بين النشاط البشري والبيئة دون استباق النتائج أو إطلاق اتهامات.

الزلازل في المحصلة ليست مجرد ظواهر طبيعية فقط  بل أدوات قياس واقعية لفاعلية الدولة وعمق الوعي الجمعي ومدى القدرة على النهوض في وجه الاختبار عند وقوعه لاسمح الله من خلال المعرفة والتخطيط والشراكة المجتمعية.

وفي عالم شديد التداخل لم تعد الكوارث الجيولوجية منفصلة عن السياسة العامة ولم تعد الجغرافيا بعيدة عن دوائر القرار بل باتت كل لحظة طبيعية تحمل معها إشارات اجتماعية واقتصادية تتجاوز حدود العلم لتلامس جوهر العقد الاجتماعي ومستقبل التوازن بين المواطن والدولة.

مواضيع قد تعجبك