خبرني - الإعلام رسالة إنسانية،وهذا ينطبق على أي إعلام بشتى مشاربه ومذاهبه اذا كان يحمل رسالة مبدئية مرتبطة بقيم وأخلاق سواء ارتبط بأيدلوجيا ام لا فالمهم ان يكون مقيدا بتحقيق المصلحة الإنسانية.
ويكفي ان تكون رسالة الإعلام إنسانية، لتجعله يهتم بحقوق الإنسان والمجتمع، ويلتفت إلى قيم العدل والحق والكرامة الإنسانية، ويحرص على قيم الحرية المسؤولة ،والحث على النظافة والطهارة ، وهل هناك أفضل من هذه القيم الإنسانية، التي هي صمام أمان لأي حياة ينشدها الإنسان،ولكن للأسف ان يقوم الإعلام لسبب أو لأخر بتكييف الإطار الفكري للإنسان باتجاه سلبي يحقق أهداف النظام العالمي الجديد في نشر الانحلال والتجديف والتحريف لقيم السماء بشكل عام .
فالمصلحة الإنسانية تقتضي ان يدرك الجميع وخاصة الغرب ان توظيف وسائل الإعلام لتسويق ثقافة سمعية وبصرية ومكتوبة على مستوى كبير من الهزال والفقر والسطحية لايمكن أن تصيب شرورها واثارها السلبية العالم الإسلامي فقط. وإنما سيقع الغرب نفسه بشر هذه الأعمال التي تكرس قيم النفعية والفردية والمادية المجردة من أي محتوى إنساني .
إن وسائل الإعلام التي تستهدف تنمية حاضر الأمة البشرية ومستقبلها عليها أن تعمل مضامينها الإعلامية على تنمية العقول وإعلاء الميول والتسامي بالاتجاهات الإيجابية لتشجيع الدوافع الذاتية للمعرفة والتعلم ، وزيادة القدرة على النقد والاختيار لكل ما هو نافع للفرد والمجتمع الإنساني.
ويمكن ان تسخر كل وسائل الإعلام لهذا الإتجاه الإيجابي، بهدف إثارة الوعي والتوجيه والإرشاد العام، لأهميتها الفائقة في الإقناع، وأثرها في تعزيز الاتجاهات بما يعود بالنفع على الجميع .
إن مصلحة الإنسانية تقتضي ان يكون هناك تفاعلا حضاريا يمكن الإعلام من أداء دوره على الوجه المطلوب منه تربويا وتثقيفيا بعيدا عن النظريات الإعلامية التي تكرس السلطة الجبرية أو الحرية المتفلتة، أو الترويج لنظريات وأفكار ثبت فشلها وتضررت البشرية من مساوئها .
لقد تضررت الإنسانية كثيرا نتيجة خضوع الإعلام للقوى التي تجعل الإعلام وسيلتها لاستعداء الشعوب ، وتبرير الضربات العسكرية الموجعة في عدة مناطق في العالم تحت مبررات واهية ، والحقيقة هي خدمة أهداف هذه القوى ومطامعها غير المشروعة .
إن المصلحة الإنسانية تقتضي أن يلتقي العالم على أخلاقيات ترعى للكلمة قيمتها ، وترعى للمتلقي احترامه وتقديره ، وذلك ببناء قيم تقدس العمل والإنتاج وتكافؤ الفرص والمشترك الإنساني ،وتسهم بخلق أنماط جديدة للإستهلاك الرشيد ، ونبذ الاستهلاك الترفي ، وأن تكون الأنماط المفضلة للجماهير هي العلماء والباحثين والمنتيجين، وليست الفئات العبثية والتي تشق طريقها بوسائل واساليب غير صحية .
إن ميدان الإعلام يحتاج إلى تربية وتكوين يضمنان تواجد أخلاق المهنة ، وأن يتحرر الإعلام ليصبح أداة تثقيف يساعد في ترشيد السلوك الشخصي للأفراد بأن يكون سلوكا ًحضارياً في المقام الاول ، وان يساعد في بناء ثقافة عصرية تأخذ في الاعتبار النافع في تراث الأمم والشعوب، وأن تكون الفرصة مهيأة لتعدد الآراء في إطار المسؤولية الإنسانية المشتركة .
ا.د فكري الدويري عميد كلية العلوم التربوية في جامعة إربد الأهلية




