خبرني - الهوية، تلك الكلمة الصغيرة في حروفها، الكبيرة في معانيها، هي وعاء الإنسان الثقافي والنفسي والاجتماعي، وهي البوصلة التي توجه الفرد والمجتمع في عالم متغير، مليء بالتحديات والانفتاح على ثقافات متعددة. وعندما نتحدث عن الهوية الأردنية، فإننا نتحدث عن كيان متماسك، جذوره عميقة في الأرض، وسماته واضحة في تاريخ وثقافة هذا الشعب العريق.
يمكن القول بلا تردد إن الأردني هويته - أردني الوجه، عربي العمق، إسلامي البعد، وإنساني الروح. فالأردنيون أبناء هذا الوطن الصغير في المساحة، الكبير في الحضارة والمعنى، يحملون على عاتقهم إرثًا تاريخيًا يمتد من الحضارات القديمة، مرورًا بالعصور الإسلامية، وصولًا إلى دولة الأردن الحديثة التي شكلت إطار الانتماء الوطني الجامع لكل مكوناته.
إن الهوية الأردنية راسخة مثل جبال عجلون والطفيلة والبلقاء، صلبة وثابتة، تدل على صلابة الإنسان الأردني وإيمانه العميق بأرضه. وفي الوقت ذاته، تحمل روحًا- سماحة وكرم ويسرًا كسهول- مادبا وحوران والكرك - وارث بوادينا العريق ، مما يعكس كرم الأردنيين وحبهم للآخرين، واحتضانهم للقيم الإنسانية في تعاملاتهم اليومية، سواء مع أبناء وطنهم أو مع ضيوفهم من الشعوب الأخرى.
تقوم الهوية الأردنية على ركائز أساسية. اللغة العربية تمثل أداة التعبير والتواصل، وهي الحافظة لذاكرة الشعب وثقافته. أما الدين الإسلامي والمسيحي، فيشكلان القيم والمبادئ التي تقود السلوك الفردي والجماعي، مثل التسامح، والعدالة، والتكافل الاجتماعي. التاريخ الأردني بكل أحداثه وتجارب أجياله يشكل محور الانتماء والوعي الوطني، ويمنح الفرد شعورًا بالاستمرارية والاعتزاز بجذوره. أما الثقافة والعادات والتقاليد، فهي مرآة الروح الأردنية، تظهر في المطبخ الشعبي، والفلكلور، والمهرجانات الوطنية، والاحتفاء بالمناسبات الاجتماعية والدينية.
ولا تكتمل الهوية الأردنية إلا بالانتماء الوطني الصادق، الذي يعكس ولاء الأردني للدولة وقيادته، ويجعل المجتمع متماسكًا في مواجهة التحديات، محافظًا على وحدة الأرض والشعب. من هنا، يمكن القول إن الهوية الأردنية هي مزيج متناغم بين الثبات والمرونة، بين العراقة والحداثة، بين الانتماء المحلي والانفتاح الإنساني العالمي.
فقدان هذه الهوية أو تراجعها يمثل خطرًا حقيقيًا على المجتمع، إذ يؤدي إلى الضياع النفسي، وتراجع القيم، والانصهار الثقافي في محيط عالمي سريع التغير. ولذلك، فإن الحفاظ على الهوية الأردنية وتثبيتها في النفوس، ليس مجرد واجب ثقافي، بل هو استثمار في مستقبل الوطن وأمان المجتمع واستقراره.
في نهاية المطاف ، الهوية الأردنية ليست مجرد عنوان أو شعار، بل هي حياة متجددة في أرض ثابتة، وقيم راسخة في قلوب أهلها. هي صلابة الجبال، ودفء القلوب، وكرم الضيافة، وعراقة التاريخ، ورؤية المستقبل. وهي، كما يمكن أن نقول، خريطة روح الأردني، التي تجعل منه إنسانًا متوازنًا بين جذوره وثقافته وانتمائه لهذا فهويتنا الأردنية وبكل فخر : وجهها أردني، عمقها ولسانها عربي، بعدُها إسلامي، وروحها وقيمها إنسانية.




