لم يكن تاينتون على دراية بمفهوم "التلفاز"، لذا اقترح بيرد تبادل مكانهما. وقد شعر تاينتون بالسعادة لترك مكانه "لأن بيرد بدا لي في ذلك الوقت متحمساً للغاية، بل وكأنه مجنون".

نظر تاينتون من خلال فتحة صغيرة ورأى "صورة صغيرة جداً بحجم 5 سم × 8 سم تقريباً". وقال: "فجأة، ظهر وجه بيرد على الشاشة. كان بإمكانك رؤية عينيه تضيقان، وحركة شفتيه، وحركات وجهه. لم تكن الصورة واضحة، لم تكن جودة الصورة كبيرة، بل كانت مجرد ظلال وخطوط متعرجة، لكنها كانت صورة حقيقية، وكانت متحركة أيضاً، وهذا هو الإنجاز الرئيسي الذي حققه بيرد. نجح في ابتكار صورة تلفزيونية حقيقية".

وفي لحظات حماسه سأل بيرد، تاينتون عن رأيه في الاختراع. أجاب تاينتون بصراحة: "لا أعتقد أنه جيد يا سيد بيرد. كان بدائياً جداً. كنت أستطيع رؤية وجهك، لكن لم يكن هناك وضوح أو تفاصيل".

رد عليه بيرد بالقول: "هذا هو بداية كل شيء، هذا هو أول جهاز تلفزيون، وسوف تجده في كل منزل في البلاد، بل وفي جميع أنحاء العالم".

في 26 يناير/كانون الثاني من العام التالي، قدم بيرد أول عرض عام للتلفزيون في العالم. ورغم أن اختراعه المبتكر حلّت مكانه لاحقاً تقنيات أكثر تطوراً عملت عليها شركات رائدة، إلا أنه كان قد وضع الأساس لكل ما جاء بعده.

في عام 1951، أي بعد خمس سنوات من وفاة بيرد عن 57 عاماً، عاد تاينتون إلى شارع فريث في لندن للاحتفال بالكشف عن لوحة تذكارية زرقاء. وقال السير روبرت رينويك، رئيس جمعية التلفزيون، للجمهور: "رغم أن هذه اللوحة التذكارية نُصبت في قلب لندن، فإن نصبه الحقيقي هو غابة الهوائيات التي تنتشر في كل أرجاء البلاد".

وبعد سنوات قليلة من حديث تاينتون عام 1965 عن دوره في تاريخ البث، كان الناس في جميع أنحاء العالم يتابعون بثّ أولى خطوات الإنسان على سطح القمر عبر التلفزيون. لقد تحوّل الخيال العلمي إلى حقيقة علمية.