*
الاثنين: 22 ديسمبر 2025
  • 12 أغسطس 2025
  • 11:38
أرقام بالملايين وطلاب بلا أقساط
الكاتب: الدكتور ماجد عسيلة

خبرني - حين قررت الحكومة تخصيص عائدات بيع وتحويل أرقام المركبات الحكومية لدعم صندوق الطالب الجامعي لتعزيز مخصصاته، كانت ترسل رسالة واضحة: التعليم أولى والمستقبل أهم، والاستثمار في العقول أنفع من المباهاة في الشوارع.
خطوة مقدرة بل وذكية، تعكس إدراكا لقيمة كل دينار حين يوضع في مكانه الصحيح.
لكن، في المقابل لا يمكن تجاهل المشهد المثير للدهشة -وربما للسخرية- المتمثل في هوس شراء وبيع أرقام السيارات المميزة، حيث يتسابق البعض لدفع مئات الآلاف، بل ملايين الدنانير، من أجل لوحة معدنية لا تضيف شيئا لقيمة السيارة سوى وهج لحظي أمام المارة!
في بلد يئن فيه كثير من الطلبة تحت وطأة أقساط جامعية مؤجلة، وأسر تبحث عن قروض صغيرة لتعليم أبنائها، يبدو أن هناك من يملك فائض مال يبدده على "أرقام" لا تسير السيارة أسرع، ولا توفر أمانا أكبر، ولا تصنع أي فارق حقيقي في الحياة.
هذا الانفصام في الأولويات يثير سؤالا مؤلما: كم كان يمكن لمثل هذه المبالغ أن تغير من واقع التعليم والصحة ومشاريع الشباب؟ وكم كان يمكن لرقم واحد على لوحة أن يتحول إلى رقم أكبر في رصيد التنمية والنهضة؟
ما فعلته الحكومة خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن الأجدى أن يوسع نطاقها، وأن تستثمر عوائد سوق الأرقام المميزة -الذي يبدو أشبه بسوق للأوهام- في بناء الإنسان قبل أن نغرق شوارعنا في سباق "لوحات استعراض" لا ينتهي.

مواضيع قد تعجبك