*
الاثنين: 22 ديسمبر 2025
  • 21 ديسمبر 2025
  • 19:44
الأردن نخلة من رمت عليه الدنيا أسقطت له رطبا
الكاتب: زهير الشرمان

خبرني - زهير عبدالله الشرمان يكتب 

"اذا اتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي باني كامل"

لسنا غاضبين مما كتبه "المدعو فالح حسون الدراجي" فالغضب يفترض خصما مكافئا بينما ما وصلنا لا يتجاوز كونه نصا مرتبكا محدود الافق يشي اكثر مما يقول ويفضح صاحبه قبل ان يسيء الى غيره فالشتيمة حين تصدر عن الحقد لا تضر الا صاحبها والكراهية حين تنسب زورا الى وطن كامل تتحول الى وثيقة ادانة شخصية لكاتبها لا للبلد الذي حاول النيل منه.

ما كتب ليس رأيا ولا تحليلا ولا نقدا رياضيا بالمعنى المهني بل انفعال لغوي فقير اختلط فيه الفشل بالشماتة والعجز بالافتراء ومحاولة تعويض الخسارة باسقاطات نفسية على شعب باكمله وحين يعجز المرء عن هزيمة خصمه في الميدان و يكتشف فجأة موهبة الاغتيال المعنوي بالكلمات وحين يفشل في احترام ذاته يتخذ من احتقار الاخرين وسيلة مؤقتة للشعور بالقيمة الوهمية ،الاردن الذي وصف عبثا بالصحراء القاحلة هو البلد الذي بقي واقفا حين سقطت عواصم وفتح ابوابه للاجئين حين اوصدها العالم وبنى دولته بالانسان لا بالنفط ولا بالغنائم، الاردن لم يشحذ بل صمد ولم يبع كرامته بل دفع ثمنها غاليا وهذه وقائع موثقة لا تنقضها جملة انفعالية كتبها شخص قرر ان يحمل وطنا كاملا ضيق معاييره وفقر منطقه.

ومن يقيس قيمة الاوطان بعدد ابار النفط انما يقدم من حيث لا يدري تعريفا دقيقا لمشكلته الفكرية فالقيمة لديه مادة لا اخلاق والكرامة رقم لا موقف والتاريخ حساب جار بلا معنى، وهو معيار لا يدين الاوطان بقدر ما يكشف خواء من يستخدمه، ثم اي سقوط مهني واخلاقي هذا حين تهان الشعوب جماعيا ويستدعى اسم الله على غير موضعه ليكون شاهد زور-حاشاه جل جلاله- ويوظف الدين كمسوغ للكراهية وكأن السماء مطالبة بالمصادقة على نص لم يجد ما يسنده سوى الغضب وسوء التقدير.

ان اسوأ ما في هذا النص ليس الاساءة الى الاردن بل الاساءة الى العقل العراقي نفسه، حين يختزل شعب عريق بتاريخه وحضارته في نبرة كاتب واحد قرر دون تفويض او اهلية ان يتحدث باسم الملايين، العراقيون اكبر من هذا النص واكرم من هذه اللغة واعمق من هذا الانحدار وهذه حقيقة لا تحتاج الى دفاع،اما الاردنيين فلا يحتاجون للدفاع عن وطن تاريخه معروف واهله معروفون ومواقفه تشهد له يكفينا ان نترك هذا النص ليقرأ لاحقا بوصفه مثالا تعليميا على كيف يمكن للكلمات حين تكتب بلا مسؤولية ان تتحول الى شهادة على صاحبها لا الى موقف يحسب له.

مبارك للاردن كرامته وصلابته
ومبارك للعراقيين ان لا يقاسوا بما كتب باسمهم ظلما ومبارك لكل من يدرك ان الاوطان لا تهزم بخسارة مباراة ولا تهان بقلم ناقص.

مواضيع قد تعجبك