خبرني - في قطاع غزّة للموت أوجهٌ عدة،تفتكُ بالبشر والحجر والأحياء والأموات،
غزة اليوم أكبر مطبخ للموت في كلّ مكانٍ يحتمي فيه البشر، تُطبخ فيه حشرجة الروح بلا غذاء ودواء وحتى قبر.
في عالمّ يرى ويُشاهد ويسمع وكأن المشهد خارج حواسهم وجلودهم.
تعددت وتنوعت فيه فنون القتل والإبادة
لكن الأكثر فتكًا هي حرب الأمعاء والأحشاء الخاوية،ومضغ اللقمة بدمها
وأجساد تترنح وتربط الحجر على صرير المعدة لأطفال وشيوخ ونساء
صمدوا ولم تقتلهم الرصاص والقذيفة والنار وتدثّروا على مدار العامين بالصبر والجلد والأمل
لكنهم يأنون من جوعٍ كافر يقهر .
المجاعة أكثر بشاعةً وألمًا من الرصاصة وأشدُّ قهرًا وامتهانًا لأنسانيّتنا وأدميّتنا
في غزّة اليوم كلُّ شيء رصاصة محتملة، النافذة،الشارع،الخيمة
والسماء المُلتهب.
حتى كيس الطحين رصاصة مُحتملة وغادرة
نراها ونشهدُ عليها ونصوّرها وننشرها.
في أسوء وأقذر الحقب التاريخيّة للمجاعات
غزّة اليوم بعد معركتها مع الوجود وموت أكثر من ٣٠ ألف إنسانٍ وحرق الأرض والبحر
تقتُلها الصهيونيّة وعلى مرأى من العالم المُتحضّر بكيس طحين.
في غزّة الجوع يسبقُ الموت مُترنحًا في الشوارع من سوء التغذيّة والماء الملوث ونقص المؤن والدواء.
ينهش ٦٠ ألف حامل و ٦٠٠ ألف طفل يعانون من سوء التغذية.
في غزة من يحتمي من الرصاصة لاهثًا لرغيف خبزٍ تطال يد الموت جسده عند مصائد المؤن والموت لتسيل دماء القهر والعجز.
في غزّة كارثة جوع تقتات من أجساد البشر فكلّ المؤشرات والتحذيرات تؤكّد على تفشي المجاعة بالمرحلة الخامسة حسب التصنيق الأممي،ولم يبقَ إلا إعلانها رسميًّا من الأمم المتحدة إذا استطاعت إعادة نشاطها الذي أوقفته اسرائيل قصدًا.
في غزّة اختبار حقيقي لإنسان القرن الواحد والعشرين واختبار لكلّ المواثيق الدوليّة التي أكدت على أن لا قيمة لبند من سطر ٍ مُنمق يكشف وجه طفل تطل عظام وجنتيه الناحلة بسخرية من إنسانيّتنا وإيماننا بأخوّتنا وهو يحتضّر.
في عالم مُتخّم بموائده وصمته وعجزه عن حقّ إنسان تقتله أمعاه الخاوية




