حل علينا "اليوم العالمي للمتاحف" يوم الاحد الموافق 18 ايار هذا العام بشعار يتردد صداه في أروقة مؤسساتنا الثقافية: "مستقبل المتاحف في مجتمعات سريعة التغير". إنه شعار يحمل في طياته دعوة للتفكير العميق في دور المتاحف المتجدد في عالم يشهد تحولات متسارعة على كافة الأصعدة.
لطالما كانت المتاحف صروحًا لحفظ الذاكرة وكنوز الإبداع الإنساني، لكن دورها اليوم يتجاوز حدود العرض والحفظ ليصبح محركًا فاعلًا في خدمة المجتمعات وتحفيزها على التغيير الإيجابي. ففي خضم التحديات المعاصرة، تبرز المتاحف كمنارات للمعرفة، تربطنا بجذورنا التاريخية وتقدم لنا دروسًا قيمة من الماضي نستلهم منها حلولًا لإشكاليات الحاضر ونستشرف بها آفاق المستقبل.
تكمن قوة المتاحف في قدرتها الفريدة على تقديم التاريخ والإبداعات الإنسانية بطرق ملموسة وتفاعلية، مما يرسخ الفهم العميق للتطور الحضاري والإنساني. فعندما نتمعن في قصص النجاح والفشل التي تجسدها مقتنيات المتاحف، نكتسب بصيرة نافذة تمكننا من تحليل التحديات الراهنة بمنظور أوسع وأكثر شمولية. إن توظيف التاريخ ليس مجرد استرجاع للماضي، بل هو أداة قوية لتفكيك التعقيدات المعاصرة وإيجاد مسارات مبتكرة نحو مستقبل أفضل.
ولا يقتصر دور المتاحف على خدمة المجتمعات بشكل عام، بل يمتد ليشمل جيل المستقبل، طلاب اليوم وقادة الغد. فمن خلال المعروضات والتفسيرات التي تقدمها والبرامج التفاعلية، تغذي المتاحف فضول الطلاب وتوسع مداركهم، وتمنحهم نافذة فريدة للاطلاع على الإبداعات الإنسانية عبر العصور. هذه المعرفة العميقة ليست مجرد معلومات تاريخية، بل هي وقود للإلهام والابتكار، تسلح الطلاب بالقدرة على مواجهة تحديات المستقبل بثقة ورؤية مستنيرة.
إن المتاحف، بما تحتويه من قصص للإبداع والتحدي والتغلب على الصعاب، تقدم للطلاب نماذج ملهمة تحتذى. التي تثبت أن التقدم والازدهار هما نتاج للجهد والمثابرة والتفكير الخلاق. فمن خلال هذه التجارب الإنسانية الخالدة، يتعلم الطلاب قيمة العمل الجماعي، وأهمية التفكير النقدي، وضرورة تبني التغيير كفرصة للنمو والتطور.
وبمناسبة اليوم العالمي للمتاحف، نؤكد في متحف الأردن وفي جمعية المتاحف الأردنية على التزامنا الراسخ بتعزيز دور المتاحف كمؤسسات حيوية تخدم مجتمعاتنا وتسهم بفاعلية في بناء مستقبل أفضل. ومن هنا ندعو كافة أفراد المجتمع، وشبابنا وطلابنا على وجه الخصوص، إلى زيارة متاحفنا واستكشاف كنوزها، والانخراط في برامجها التعليمية والثقافية. ففي هذه الصروح المعرفية تكمن قوة الإلهام وشرارة التغيير نحو مستقبل أكثر إشراقًا وازدهارًا.
وليكون هذا اليوم ذو معنى وذو أثر، فقد أطلقت جمعية المتاحف الأردنية - آيكوم الأردن بالتعاون مع متحف الأردن ودائرة الآثار العامة مبادرة "ساعة من وقتك للمتحف"، لتشجيع المواطنين على زيارة المتاحف والتعرف على التراث الثقافي والتاريخي للأردن، وذلك بالشراكة مع جامعات اليرموك والهاشمية والأردنية ومتحف الأطفال ومتحف الحياة البرلمانية - وزارة الثقافة ومتحف النميات - البنك الأهلي ومتحف الوهادنة للتراث الشعبي ودارة خولة وسمير أبو دهيس - متحف الذاكرة ومبادرة شباب من أجل تراث الأردن.
تهدف المبادرة إلى تعزيز الوعي بأهمية المتاحف كمراكز ثقافية وتعليمية، وتعميق الفهم التاريخي لحضارة وإرث الأردن عبر العصور ودعم السياحة الداخلية والاقتصاد الثقافي، إلى جانب تحفيز الإبداع لدى الأجيال الجديدة من خلال الارتباط بالتراث.
وتتضمنت فعاليات المبادرة الدخول المجاني أو برسوم رمزية إلى عدد من المتاحف تشمل "متحف الأردن، متحف الأطفال، متحف الطفيلة الأثري بمناسبة افتتاحه ومتاحف الجامعات الأردنية واليرموك"، إلى جانب ندوات وأنشطة ثقافية بالتعاون مع الجامعة الهاشمية حول مستقبل المتاحف.
ويمكن المشاركة في المبادرة من خلال زيارة أي متحف خلال الفترة من 18 أيار ولغاية نهاية العام الحالي وتشجيع الآخرين على المشاركة ونشر المبادرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحت شعار "المتاحف ليست أماكن للماضي بل جسور نحو المستقبل".
ومعا من أجل غرس ثقافة زيارة المتحف في أذهان أبنائنا وبناتنا بما يسهم في الحفاظ على موروثنا العظيم.




