*
الاثنين: 22 ديسمبر 2025
  • 20 أيار 2025
  • 12:21
ماذا يعني إقرار الخطة الوطنية للشباب والسلام والأمن في الأردن 20252027
الكاتب: تقى عاكف البدور

قرر مجلس الوزراء الموافقة على إقرار الخطة الوطنية الأردنية لتفعيل قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2250) حول الشباب والسلام والأمن 2027 -2025م، لتكون الدولة العربية الأولى في هذا المجال، وذلك بعد مجموعة من مراحل العمل، من أبرزها ترأس ولي العهد الأمير حسين بن عبدالله جلسة النقاش في مجلس الأمن في نيويورك في عام 2015 عندما كانت الأردن ضمن الدورة الرئاسية لمجلس الأمن (2013-2015) والتي تكللت في الموافقة على القرار الأول من نوعه ضمن أروقة مجلس الأمن الدولي  والذي أضاف بعداً جديداً في دور الشباب في بناء مجتمعاتهم و أمنها وسلامها، وإعطاء القرار صفة الأهمية والخصوصية ضمن قرارات مجلس الأمن الدولي.

الأمر الذي جعل الأردن في صدارة الدول العربية التي تأخذ على عاتقها قيادة الجهد العربي والوطني في هذا القرار، فبدأ العمل على  تشكيل الائتلاف الوطني للشباب و السلام و الأمن في عام 2017، وذلك بعد سنتين من إصدار القرار، من قبل مجموعة من منظمات المجتمع المحلية والدولية وبقيادة من الحكومة الأردنية متمثلة في وزارة الشباب الأردنية، وعضوية من الشباب والشابات من كافة محافظات المملكة. و برز الجهد مؤخراً في قيادة مشتركة ضمن جامعة الدول العربية للعمل على الاستراتيجية العربية للشباب والسلام والأمن (2023-2028) والتي تم إطلاقها في عمان العام الماضي برعاية من سمو ولي العهد.

شهد ملف الشباب و السلام والأمن في الأردن، منذ عام 2017 للآن، زخماً وطنياً و إقليمياً مطرداً و متماشياً مع العديد من التطورات والتحديات والفرص في المنطقة، بحيث مهّد التشاركية في الجهود بين المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني الدولية والمحلية التي يقودها و يعمل بها و تستهدف الشباب، بدءاً من زيادة الوعي في الأهمية التي يوليها القرار لدور الشباب في المشاركة الفاعلة، والعمل على توطين مفاهيم بنود القرار محلياً، و إعداد خارطة الطريق نحو الخطة الوطنية (2022-2024) والتي رسمت المراحل الأربع الأساسية للعمل على كتابة وتطوير الخطة بشكل تشاركي ينطلق من احتياجات وواقع الشباب و بمساهمة مباشرة من الشباب أنفسهم، بدءاً من حوكمة مجموعات العمل، و تحليل واقع الفرص والمعيقات لمشاركة الشباب الفاعلة في قضايا الأمن و السلم المجتمعي، و إعداد المشاورات الوطنية بقيادة شبابية، وصولاً إلى كتابة النسخة الأولى من الخطة.

ما نتج عن تشكيل مجموعة ضباط الارتباط الحكوميين للعمل على ملف الشباب و السلام و الأمن في عام 2023، والتي تعد من أبرز القرارات الحكومية الاستراتيجية والتي جاءت ضمن جهود الأردن في تطوير الخطة الوطنية على مدار الأعوام السابقة، كأول مجموعة حكومية في هذا المجال، والتي جمعت أكثر من 23 جهة رسمية و حكومية لمناقشة تقاطعية العمل مع الشباب في ملفات الأمن، والصحة، والطاقة، و التعليم، و البيئة، و السياحة، و تخطيط المدن، والتكنولوجيا، والاقتصاد، والثقافة، والسياسة، و غيرها من المواضيع.

ما الذي يعنيه ذلك الآن: إلتزاماً حكومياً تجاه الشباب

وفي هذا التوقيت، ومع تزايد تعقيد التحديات الواقعة على المجتمعات والشباب، يأتي إقرار هذه الخطة، للتأكيد على رؤية الأردن الحكيمة في التغيير والتطوير والمبنية على الاستثمار في الشباب و الرؤية بعيدة الأمد في تمهيد الطريق لهم بمرجعية أطر دولية و عربية أعاد فهمها الشباب أنفسهم وبأثر مرجو على الأرض، بحيث تعد هذه الخطة للعامين القادمين، إلتزاماً من الحكومة الأردنية تجاه الشباب والمؤسسات العاملة معه لتنسيق الجهود بين باقي الوزارات المعنية من جهة، و بين أطياف المجتمع المدني من ممولين، و منفذين، و مستفيدين ضمن مشاريع الشباب والمشاركة الفاعلة في اتخاذ القرار ضمن المفهوم الشمولي للأمن الإنساني.


ما الذي يعنيه ذلك مستقبلاً: فرصة استراتيجية لتناسقية العمل و تعظيم الأثر

بالنظر إلى الجهود التي تسعى لها الحكومة لتنسيق العمل وعدم ضياع الجهود، وتماشياً مع الخطط الاستراتيجية الاصلاحية التي تقود المشهد التنموي من رؤية التحديث الاقتصادي أو تطوير أداء القطاع العام والاصلاح السياسي، والحوكمة وتعزيز الشفافية و المسائلة، فإن ربط العمل ومتابعة الخطة الوطنية للشباب و السلام والأمن بشكل متوافق مع كافة الجهود الأخرى يعد فرصة استراتيجية، بحيث يمكن النظر إلى هذه الخطة كمرجع للحكومة الأردنية في استثمار دور الشباب في تحقيق كافة مؤشرات الأداء، والمواءمة بين الخطط الوطنية من جهة وبين الاستراتيجيات القطاعية من جهة أخرى تحت مفهوم تراتبية الأثر والأداء أو (Cascading) والذي يعد من أبرز المفاهيم في مجال تناسقية العمل الحكومي الأفقي والبناء على تطوير العمل مع مجموعة ضباط الارتباط الحكوميين التي أطلقتها وزارة الشباب، بحيث تهدف إلى مأسسة العمل الشبابي مع كافة القطاعات التنموية والمشاريع، الأمر الذي يزيد من ثقة الشباب في العمل الحكومي التنموي ويحوله من مبادرات متفرقة أو أوراق، إلى فكر تنموي تشاركي يمكن قياسه وتطويره بشكل مستدام و تقييمه و البناء عليه.

ومن جهة أخرى، فإن التزام الحكومة تجاه الشباب في حماية حقهم في المشاركة الفاعلة و تنسيق الجهود وتوفير التمويل من القطاع الدولي و القطاع الخاص، يتطلب وعياً كاملاً من قبل الشباب في حقهم في المشاركة والإيمان بأثرها على تلبية احتياجاتهم بشكل مرحلي و على جودة حياتهم ومجتمعهم على الأمد البعيد، و يتيح لهم مجالاً مهماً لتنسيق جهودهم في المتابعة و المساءلة ذات الحس الوطني وابتكار مجموعة من الأدوات لدعم نشر أهداف الخطة ومتابعتها ورصد قياس قصص واقعية في العامين القادمين بشكل محدد.

مواضيع قد تعجبك