محمد صبيح الزواهرة
حظي “وقف ثريد” باهتمام ملكي تجلى في زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني للمبادرة، تأكيدًا على دعم الجهود الرامية إلى مكافحة الجوع وتعزيز التكافل الاجتماعي. هذه الزيارة تسلط الضوء على الدور الحيوي الذي يلعبه الوقف في توفير آلاف الوجبات يوميًا للفئات المحتاجة، مما يعكس التزام الأردن بالعدالة الاجتماعية والعمل الخيري المؤسسي.
“وقف ثريد” هو مبادرة خيرية أردنية تأسست بهدف مكافحة الجوع ونقص التغذية، من خلال توفير وجبات غذائية متوازنة وصحية يوميًا للمحتاجين. يقع المقر الرئيسي للوقف بجوار المسجد الحسيني في وسط عمّان، حيث يتم إعداد وتوزيع حوالي 1000 وجبة مجانية يوميًا للمارة والمحتاجين. يتميز الوقف بتقديم وجبات تشبه الطهي المنزلي، مثل المنسف والمقلوبة والملوخية، بتمويل من شركات ومؤسسات ومحسنين، مما يعكس روح العطاء التي لطالما ميّزت المجتمع الأردني.
يعود “وقف ثريد” إلى إرث تاريخي يمتد إلى عام 480م، حين أغاث هاشم بن عبد مناف قريشًا من مجاعة قاسية بابتكار “الثريد”، ما منح قريش نفوذًا ساهم في رحلتي الشتاء والصيف. وقد ارتبطت غزة بهاشم لكونها مصدر القمح الذي اعتمد عليه. اليوم، تعيد الإغاثة الهاشمية الأردنية هذا الفضل لغزة عبر “وقف ثريد”، الذي يتجاوز كونه عملاً خيرياً إلى كونه امتدادًا للإرث السياسي والاجتماعي للهاشميين.
لكن المبادرة لا تقتصر على تقديم الطعام فحسب، بل تخلق رابطًا إنسانيًا بين من يعطي ومن يحتاج، حيث يتطوع أكثر من ألفي شخص يوميًا لتجهيز وتقديم الوجبات بروح من الحب والانتماء للمجتمع. تتجاوز أهمية “وقف ثريد” كونه مشروعًا خيرياً إلى كونه نموذجًا مستدامًا للإغاثة المجتمعية، ما يستدعي توسيع نطاقه ليشمل المناطق التي تعاني من جيوب الفقر. فالعديد من المناطق في الأردن تواجه تحديات اقتصادية تستدعي مبادرات كتلك لتخفيف الأعباء عن الأسر المحتاجة. إن توسع الوقف إلى هذه المناطق سيعزز الأمن الغذائي، ويدعم الاستقرار الاجتماعي، ويعكس قيم التضامن والتكافل التي لطالما ميزت المجتمع الأردني.