*
الاحد: 28 ديسمبر 2025
  • 11 نوفمبر 2018
  • 08:10
بيت جديصالح المصطفى التل
الكاتب: محمود يوسف التل
بيت جديصالح المصطفى التل

يا لذاكرة المكان..يحيرني الحنين أحياناً، كيف أخذني بلطفه فإذا بي أتجه صوب التل..تل إربد..على بعد أمتار توقفت هنيهه..متأملاً تلك النافذه المشبكه بحديد الحمايه، يآآآه...لقدمها !! رأيت جدي يطل علي من ثناياها..خلت تلك الروح الزكيه تلوح أمامي ..لفوري توجهت لبوابة البيت.. سلمت إستئذاناً..سرعان ما نصب نظري على قامةٍ تجذرت (بأرض التل) بديار البيت..بيت جدي..أوقفتني...مسمرتني..إحترمتها..عادت وشدتني وكأنها مرحبه!! حقاً أحزنتني..

طرحت سؤالي عليها...بعد أن ألقيت السلام عليها فأمنتني وأمنتني!! فباحت بسرها لي..يا لهذه الشجره (التوتيه)!! يا لعذاباتها !! وبدت تشكو حالها!!..آهات جديلتها آلمتني! قلت بنفسي لعلها ما أغرت شاعراً فصبا لها أوناثراً فأطرى حسنها..يا لهذه الجديلة..فغنيت (جديلي..يم الجدايل جدلي)..  وأضفت من (عندياتي) "هلمن يا صبايا  الحي هللن وجدلن" مثل توت جدي...لعلي أجبر خواطرها.. قرأت على محياها عبق الصبا للراحلين عن الديار..حالها يقول..أنا هنا يانعه سرمديه قالت لي: ألم تدرك سرجمالي الأخاذ؟ قلت: بماذا؟ قالت: بشموخي!! قلت ثم ماذا؟ قالت: بعطري الفواح! قلت: وماذا أيضا ؟ قالت بقدي اللولبي، فأنا صبابا يصبوا، ويتصببوا علي الصبايا والصبيان، فاستفزتني فقلت: وما لهذه التجاعيد تنهش قدك المياس؟ قالت: يا بني (القلب) ما شاب! إستغربت لذلك قلت: لم أفهم؟ قالت: أيها ألحفيد..جدك جد..عاش وعاش ..وأعطى وأعطى..وأنا في دارة جدك..سرجمالي بلذه ثماري..هل أنت مثلي؟ أما دمعي (الصمغي)..المنساب على وجنات قدي (جذعي)..ﻻ أدري لما أبكاك؟ إسمع يابني..لتفرح...أوصاني جدك يا ولدي أن تجري دمعاتي الصمغيه عبر قنوات الحي لتروي كَرم كريم. قلت: من هو؟ قالت: قامه إربد (علي نيازي)! قلت: يا لحنان جدي..يا لطيبته ! وأردف قائلاً لي وكروم إربد ألم تعلم أن (إربد تربتها حمره!!) فيا لكرم جدي..! 

تنهدت "توتة الدار"!! قلت لها: ما بك (يا أمل)..؟ ضاعت الحمره وضاع الحَمار.فهمت..فهمت..قلت: أستأذنك..قالت: إلى أين؟ أجبت..خجلت من نظرات عمي،  ترمقني فستأذنتها صوب عمي! فاحترت بين قبر تجسد به جسم كأنه مسجى ولكن من تراب..وكلنا من تراب!! وبين صورته المرسومه على جداريه صدر البيت (بيت جدي)..وبين خيالاتي..وصف أبي وأمي ...لعمي، فخلته أمامي (رحماك ربي بروح عمي). 

قال: أتعرفني؟..قلت: نعم، هنيئا لك مرقدك في بيت جدي، بيت أسرتنا الممتده، تنهدت  بحرقه، ولشدة ألمعيته قال: عرفت، كنت أرافقك في جولاتك الميدانية، فكنت تلج أماكن تكاد تخالها من الزمن ألعتيق الغابر فتذكره..قال: كنت تستغرب..نعم يا عم! كنت ألجها بمركبه والرحله شاقه..فكنت أترحم عليك..يا عم..فقال: أسمعني آيه قرءآنيه! فتلوت لروحه الفاتحه..وقال لي: أتحب أن تسمع من شعري؟ قلت ألا يكفي أنك عرار؟ شاعر أﻷردن غير مدافعي!! فابتسم وإستدرت مودعاً فإذا بصدى صوت أنثوي!! فأدركت أصوات شقيقاته فأقبلت نحو الصدى!! فإذا بجداريه خط عليها أسماء عماتي..ولسان حالهن..يقول إرثنا..بيت عز وهبناه  ﻷجيالنا على هذه أﻷرض الأبية..أرض الاردن !! وما أن إستنفذت ما بجعبتي وهممت بالمغادره..حتى  اسوقفتني شجره الداره..داره جدي..قلت: لها أستسمحك..قالت: ولما العجله؟ قلت: أشهد الله اني أخرج من هذا البيت..بيت جدي وأنا محمل بقاصات تبريه..بيت جدي قلعه. ولوحه إنسانيه..حضاريه..مدنيه..ثقافيه..وطنيه..سياسيه.

 بيت جدي، بيت نماء..بيت وفاء..ببت الشرقيين..والغربيين، بيت جدي..بيت عروبة ومستعربين، ببت جهاد ومجاهدين ! هنا قبلتني شجره العمر الأعمار النديه..وقبلتها..وقالت بارك الله بك..أجبتني..وهجر الأحبة يُكئبني فلا تقطعني!! إنحنيت لها، وقلت: كيف أهجر بيت جدي..(صالح مصطفى التل) فرفعت يدايا..وقرأت الفاتحه..لجدي..وعمي..وأبي وغادرت وعيناي تدمع.ش

مواضيع قد تعجبك