*
الاحد: 14 ديسمبر 2025
  • 06 آذار 2020
  • 21:39
تيريزا هَلَسِهْ  أُمَّتُكِ  مُفْلِسه
الكاتب: عوض ضيف الله الملاحمه
تيريزا هَلَسِهْ أُمَّتُكِ مُفْلِسه

 

 

القول المأثور مُنذ القِدم عن المرأة ، أنها نصف المجتمع ، حتى أصبح هذا التوصيف ملازماً لإسم المرأة ، ويُقصد منه التأشير  عددياً بالأساس ، وتأثيراً وفاعلية الى حدٍ ما . والدلالة على عِظم دور  المرأة مجتمعياً ، ان هذا التوصيف جاء في وقت كان فيه دور المرأة محدوداً ، ومحصوراً في الغالب في تكوين وتنشئة الأسرة ، وهو دور عظيمٌ ، وخطير ، وهام جداً مجتمعياً ، ودينياً لدى كل الأديان ،  وللدلالة على أهمية ، لا بل وقدسية هذا الدور ، وصف في العديد من الأشعار والأقوال المأثورة ، على سبيل المثال لا الحصر : الأم مدرسةٌ اذا أعددتها / أعددت شعباً طيب الأعراقِ . والأم التي تهز السرير بيمينها ، تهز العالم بشمالها.. وغيرها .

 

لكن مع تَغيُّر دور ، لا بل أدوار ومسؤوليات المرأة ، هل من المنطق ان تبقى نفس التوصيفات كما هي رغم  إختلاف الدور ، وقيام المرأة بادوار مجتمعية مختلفة في عصرنا الحالي !؟ طبعاً ، يفترض ان تكون الإجابة : لا ،  وللدلالة نورد بعض الأدوار التي أصبحت المرأة رائدة فيها : عمل المرأة في القضاء ، وريادة الفضاء ، والطيران سواء العسكري او المدني ، وريادة الاعمال ، والأهم ، وهو موضوع هذا المقال النضال ، نعم النضال . وهنا نقصد  مشاركة المرأة لشقيقها الرجل في النضال مع شعبها للاستقلال وتحرير الاوطان  ، وتحرر الانسان . 

 

سِجِلُ المرأة العربية في مجال النضال  عظيم ومُشرِّف ، حيث سطرت المرأة العربية بطولات عَزّ نظيرها ، ومن الرائدات في النضال في التاريخ العربي الحديث المناضلة الجزائرية  ( جميلة بوحريد ) ، والمناضلة الاردنية الكركية مسيحية الديانة عروبية الدم والنسب ، من العزيزات الذين أعزوا الاسلام فسماهم سيدنا محمد النبي العربي عليه أفضل الصلاة والسلام بالعزيزات ، إنها المناضلة ( تيريزا إسحاق هلسه ) ، التي ولدت عام ١٩٥٤ في مدينة عكا الفلسطينية من أب اردني من الكرك ، وأم فلسطينية . وهي موضوع هذا المقال ، لكن المؤسف ، والمحزن ، لا بل والمعيب ، من يعرفها الآن !؟ ومن يذكرها الان !؟ أكاد أجزم انه : لا أحد يعرفها ، خاصة من جيل الشباب ، هذه المرأة العربية ، الاردنية ، الكركية ، التي كانت مناضلة جسورة ، جريئة ، جبارة ، مِقدامه ، في نضالها ومساهمتها العظيمة في النضال الفلسطيني  في سبعينيات القرن الماضي وتحديداً عام ١٩٧٢ ، حيث شاركت في خطف طائرة سابينا البلجيكية ،  الى مطار اللد في فلسطين المحتلة ، وتم تحرير الطائرة بعملية عسكرية أدت الى استشهاد البطل / علي طه ابو سنينة ، والبطل / زكريا الأطرش . واثناء عملية السيطرة على الطائرة ، جَرحت المناضلة تيريزا  بنيامين نتنياهو رئيس وزراء العدو الحالي ، حيث أصابته برصاصة في يده ، لانه كان من ضمن الوحدة العسكرية الاسرائيلية التي كُلفت بتحرير الطائرة ، كما أصيبت فيها المناضلة تيريزا هلسه بعدة رصاصات ، وكذلك أصيبت زميلتها المناضلة / ريما عيسى طنوس ، حيث القي القبض عليهما وحُكم على المناضلة تيريزا  بالسجن ( ٢٢٠ ) سنة ، تخيلوا !؟  لكن أُفرج عنها بعد (١٢ ) سنة بعملية تبادل أسرى مع العدو .

لكِ أيتها النشمية الاردنية كل الاجلال والاحترام ، لقد كنتِ مناضلة جريئة ، جسورة ، تساويتي مع أشقائك المناضلين ، لا بل وربما تفوقتي أحياناً ، واذا لم يُنصفك قومك في هذا الزمن الرديء ، سيأتي يوم يتم فيه إنصافكِ  .

 

تحيا تيريزا هلسه المناضلة المُهمشة ، وتحيا القضية الفلسطينية التي تشارككِ التهميش ، لكن ذلك لن ينال منكما  ، فأحيانا تستشعري بانك أكبر من ان تُذكري وتُقدري وتُكرمي ، في زمن إنحدرت فيه القيم واندثر فيه التقدير ، وأقولها : القضية الفلسطينية وانت ، أجل وأرفع من ان تستجديا تكريما واهتماماً في زمن الردة والتردي .

 

الفخر والمجد لكِ ، والخزي والعار لمن أنكركِ .

المرأة لم تَعُدْ نصف المجتمع ، ربما ثلاثة أرباعه ، او لِنَقُلْ المجتمع كله . فكل المجتمع يدور في فلكها ، بين مُنْجِبَتَه، ومُربيته ، وسَاهرة عليه ، وراعيته ، وحاضنته ، ومُهيِّئة له أسباب الحياة ، ومناضلة ، نعم مناضلة .

 

في عصر الإنهزام ، نستذكر الأبطال ، لشحذ الهمم ، والتغني بالأمجاد ، والتذكير ببطولات الأفراد .

 

تيريزا إسحاق هلسه ، أيتها المناضلة ، تاريخك مفخرة ، وقضيتكِ عادلة ، قضيتكِ هامّة ، قضيتكِ قيّمة ، لكن أُمتُكِ نائمة ، هائمة ، مهزومة ، مُفلسة . تيريزا ، أيتها المناضلة الكركية الأبية  أمدّ ربي بعمركِ .

مواضيع قد تعجبك