*
الجمعة: 05 ديسمبر 2025
  • 10 نوفمبر 2025
  • 23:03
الكاتب: محسن الحواتمه

خبرني - في أواخر أيلول، كان الشتاء يجيء دافئًا… تسيل الأرض وتبتسم السماء، وكأن الغيم يعرف موعده مع الطهر. كانت رائحة المطر تمتزج بضحكات الناس، وكانت القلوب أنقى من الينابيع. الجار يسأل عن جاره قبل أن يسأل عن نفسه، والصغير إذا مرَّ بالكبار خفف خطاه احترامًا… كان زمناً جميلاً، يفيض دفئًا وإن قلّ فيه المال.

لكن شيئًا ما تغيّر.
توقّف المطر طويلاً، وكأن السماء حزنت علينا. لم تعد الأرض تشرب، لأن القلوب قست. أصبحنا نرى الحرام ولا ننكره، نسمع الباطل ونسكت عنه، نغضّ الطرف وكأننا لا نُبصر. كل شيء أُبيح، حتى الخطأ صار يُسمى حرية، والمنكر يُبرَّر بأنه “وجهة نظر”.

نسينا أن المطر رحمة، وأن الرحمة لا تنزل إلا على قومٍ رحماء.
ابتعدنا عن الدين، عن الصدق، عن الحياء… فابتعدت عنّا بركة السماء.
لم يكن المطر يومًا مجرّد ماء، بل كان رسالة من رب العالمين تقول:

“إذا طهرت قلوبكم، طهرت أرضكم، وإذا أصلحتم ما بينكم، فتحتُ عليكم بركاتي من السماء والأرض.”

فلنعد كما كنّا، قبل أن ييبس الورد في حدائقنا، وقبل أن يُغلق الغيم أبوابه.
فلنُعد للإيمان مكانه، وللخلق احترامه،
علَّ السماء تبتسم من جديد… وتمطر على قلوبنا قبل أراضينا.

اللهم أحيِ فينا نقاء القلوب كما تحيي الأرض بعد موتها

مواضيع قد تعجبك