خبرني - لم يكن الرحالة المغربي محسن يتخيل أن رحلته الطويلة على دراجته الهوائية نحو مكة المكرمة ستتوقف في محطة استثنائية تغيّر في داخله الكثير. محطة اسمها الأردن، الأرض التي اكتشف فيها أن الكرم له وطن، وأن الطيبة ليست خُلقًا عابرًا، بل نمط حياة يتنفسه الناس في كل بيت وشارع ووادٍ.
محسن، الشاب الرياضي المؤمن، يجوب العالم على دراجته حاملاً رسالة بسيطة وعميقة: أن يعيش المسلم حياة مليئة بالنشاط والإيمان، وأن يرى في كل رحلة فرصة للتأمل في عظمة الخالق وجمال خلقه. وعلى الرغم من أنه عبر بلدانًا كثيرة، إلا أن الأردن ظلّ الصورة الأجمل العالقة في ذهنه.
يقول في أحد عناوين مقاطعه على يوتيوب: «لم أكن أعرف أن الكرم له وطن حتى تفاجأت بالأردن». وهي جملة تختصر كل ما رآه من مواقف لا تُنسى. فحين كان يعبر القرى والبلدات، كان الأطفال يركضون بجانبه على دراجاتهم الصغيرة، يضحكون ويصرّون على دعوته إلى بيوتهم. رجال ونساء يقدّمون له الطعام من قلوبهم قبل أيديهم، يمدّون له الماء في الصحراء والخبز في الطرقات، ويعرضون عليه المال رغم بساطتهم، في مشهد لا يراه إلا من يعرف معنى الكرامة والتعفّف.
في الطفيلة كتب محسن عن أرض الجمال والكرم، وفي معان تحدّث عن أبطالٍ يعيشون مع القرآن. أما في البادية، فحضر عقد قران أردني وسط أجواء عامرة بالمحبة والبساطة، وقال إنها تجربة لن تُنسى. حتى عندما أخطأ الطريق ودخل بيتًا يظنه مطعمًا، استُقبل كما يُستقبل الضيف العزيز، بابتسامة وكرم لا يُقدَّران بثمن.
حتى الشرطة الأردنية، كما يروي، كانت نموذجًا في الإنسانية. سهلت له المرور، ورافقته في بعض الطرق الخطرة حرصًا على سلامته. وأحد السائقين، حين رآه في نزولٍ حاد، فتح له باب سيارته ليخفف عنه مشقة الطريق. “هذا الشعب عجيب”، قال محسن مبتسمًا، “لا يتركونك وحدك حتى في أصعب اللحظات”.
وفي نهاية حديثه عن الأردن، لخّص تجربته بكلمات صادقة:
“الأردنيون لا يملكون الكثير، لكنهم يعطونك كل ما يملكون. لم أجد في رحلتي كلها دفئًا يشبه دفء قلوبهم، ولا كرمًا يشبه كرمهم.”
من يشاهد مقاطع محسن على يوتيوب أو إنستغرام، سيشعر بالفخر أنه أردني، وسيُدرك أن صورة الأردن التي يرسمها هذا الرحالة المسلم الشغوف بالمغامرة، هي صورة وطنٍ صغير بحجمه، كبير بإنسانيته.




