*
الاثنين: 08 ديسمبر 2025
  • 08 أكتوبر 2025
  • 09:43
الكاتب: د. دانييلا القرعان

خبرني - طالعتنا تقارير إعلامية بأنّ معالي وزير الداخلية طلب من الحكّام الإداريين اعتماد نهج جديد يقضي باقتصار إقامة بيت العزاء على يوم واحد فقط، والامتناع عن دعوة أصحاب المناصب السياسية لترؤس الجاهات، وتقليل المهور في عقود الزواج، وغير ذلك.

بدايةً نشكر معاليه لاهتمامه وحرصه على أوضاع الأسر الأردنية، فهو ابن عشيرة أردنية محترمة لها باع طويل في عادات وتقاليد وأعراف مجتمعنا الأردني المتوارثة، ويعرف كيف ومتى وأين يمكن أن تثمر مبادرات من هذا النوع. فالمبادرة من وجهة نظري تحتمل وجهتي نظر، إيجابية وأخرى انتقادية. الإيجابي فيها أنها محاولة لتخفيف الأعباء الاجتماعية والاقتصادية التي تتحمّلها الأسر، وهي إعادة لبعض القيم البسيطة في المجتمع وتعد خطوة عملية نحو تصويب العادات المرهقة، وتقوية التكافل والتوازن الاجتماعي. أما وجهها الانتقادي، فهل المبادرة تقع ضمن صلب مهام وزارة الداخلية؟ وهل يجوز للحكومة، ولو عبر مبادرة، أن تتدخل بتوجيه عاداتنا وتقاليدنا، كجزئية اقتصار بيت العزاء على يوم واحد على سبيل المثال؟

أعتقد أنّ دور الدولة إن أرادت تخفيف العبء المالي عن الأسر أن تخفّض الضرائب، وليس عبر إطلاق مبادرات بهدف تغيير نمط استهلاكنا الموروث. يمكنها إن أرادت أن تساهم في ترسيخ قيم البساطة والتكافل الاجتماعي كما تقول، أن تلجأ لبرامج التوعية، وأن تدعو إلى الحدّ من المجالس والعزاءات الكبيرة التي تشكّل عبئًا مروريًا وتنظيميًا للسيارات على سبيل المثال، وليس إرغام الناس على الالتزام الشعبي بأيام العزاء، وهو الأمر الذي قد لا يُلتزم به.

نعم، المبادرة تحمل نوايا جيدة إذا ما تم تنفيذها بحكمة، وبمراعاة الخصوصيات المجتمعية والعائلية، لكن من الأولى لو تبادر الدولة بمحاسبة مظاهر البذخ الحكومي الزائد فيها من باب القدوة. وكان يجب أن تُطرح هذه المبادرة للنقاش بشكل تشاركي من المجتمع المحلي والعائلات والمثقفين وأصحاب القرار المحلي حول كيفية تطبيقها، وألّا تُفرض فرضًا، لأن أي فرض من فوق يدفع إلى المقاومة، وهذا لا أحد يدعو إليه.

مواضيع قد تعجبك