خبرني - حين يتأمل السائح في خريطة الشرق… تبقى عمان وجهةً للطمأنينة
من خلف النشرات الإخبارية، يشاهد العالم مشاهد الدخان تتصاعد من غزة، والقلق يمتد كظل ثقيل على المنطقة. وبين سطرٍ وآخر، تُذكر "المنطقة"، دون أن تُفرّق الشاشات كثيرًا بين بلدٍ يقف على خط النار وآخر اختار أن يكون ملاذًا للهدوء.
السائح الغربي، البعيد عن تفاصيل الجغرافيا، قد لا يفرق بين رام الله وعمّان، بين الضفة الغربية ووادي رم. بالنسبة له، الشرق الأوسط كتلة واحدة من الحذر، وعندما تشتعل فيه زاوية، يتردد قبل أن يخطط لزيارة أقرب زاوية أخرى. وهنا، تبدأ معاناة الأردن، لا لأنّه غير آمن، بل لأن صورته تُختزل خطأً في صورة الجوار.
القطاع السياحي، هذا القلب النابض بالفرص والأمل، يتأثر سريعًا. حجوزات تؤجل، ومجموعات تلغي، ورسائل تصل للفنادق والوكالات: "نراقب الوضع". لكن، هل يراقبون الحقيقة أم الانطباع؟
الحقيقة تقول إن البترا لا تزال شامخة تستقبل زوارها، وإن القهوة تُقدم كل صباح في مقهى وسط البلد، وإن البحر الميت ما زال يحتضن زوّاره بهدوء، كما لو أن الأرض من تحته تعرف كيف تحمي من يقصدها.
المطلوب اليوم ليس فقط أن نقول "الأردن آمن"، بل أن نُشعر العالم بذلك. لا تكفي البيانات الرسمية ولا التصريحات المتكررة، فالعالم لم يعد يسمع بالكلمات، بل بالصور، بالمشاهد، بالتجربة التي يرويها سائح عاد من رحلته إلى عمان وقال: "وجدتُ الأمان في قلب الشرق".
ربما حان الوقت أن تتحول المؤسسات من وضع الدفاع إلى الهجوم الإيجابي. أن نفتح أبوابنا لمن يريد أن يرى الحقيقة، أن نصنع حملة لا تشبه الحملات، أن ندعو صحفيين ومؤثرين وفنانين، ليروا الأردن كما هو، لا كما يُتوقع أن يكون.
فالخوف، وإن كان له أسباب منطقية أحيانًا، يُهزم بشيء بسيط: بالتجربة. من يزور الأردن، يعرف أن هذه الأرض لم تتخلَّ يومًا عن دورها، لا في السلام ولا في الأمن ولا في الجمال. وحين يعود إلى بلاده، سيحمل معنا رسالة بسيطة، لكنها ثمينة:
"هناك بلدٌ اسمه الأردن… ما يزال يحتضن زوّاره كما لو كانوا أهله."




