ابقَ عندما تكون الكلمة صدقًا في زمن التزييف،
عندما تكون الأمانة قرارًا رغم الخسارات،
عندما تكون الشهامة فعلًا لا شعارًا.
ابقَ عندما ترى أن الرحيل خيانة لذاتك،
وأن العزلة ليست دائمًا ملاذًا، بل أحيانًا هروب.
ابقَ عندما لا تزال تؤمن أن القيم لا تُقاس بالمكاسب،
وأن الوقوف وحدك أحيانًا أشرف من السير مع الجميع نحو الهاوية.
ابقَ عندما تكون جذورك أعمق من رياح التغيير،
عندما يكون ضميرك دليلك، لا تصفيق الناس،
ابقَ لتُضيء ظلامًا… حتى لو لم يرك أحد.
ابقَ حين تختنق القيم وتُحاصَر المبادئ،
ابقَ لتشهد بأن الخير لم يمت، بل اختار أن يتوارى خلف الصخب.
ابقَ لأنك لست مجرد جسد في الزحام،
بل روح تعرف معنى الكرامة، وتقدّر جمال النزاهة، وتخشى أن تبيع نفسها بثمن.
ابقَ عندما يضحكون على الحياء ويعتبرونه تخلفًا،
وعندما يُساء للفطرة ويُمدح الانحراف،
ابقَ لأنك لا تريد أن تكون صفحة من كتاب مزيف،
بل سطرًا نقيًا، حتى وإن لم يُقرأ.
ابقَ عندما يكون فيك ما لا يُشترى،
وفي قلبك شيء لا يُباع.
حين يكون لك موقف، حتى وإن جعلك تخسر الأصدقاء،
لأن الصداقة التي تُبنى على التخلي عن النفس… ليست صداقة، بل مساومة.
ابقَ لتقول “لا” حين يقول الجميع “نعم” للباطل،
ابقَ لأنك تريد أن ترى وجهك في المرآة دون خجل،
ابقَ لأن ضميرك أثمن من أن تهديه للزيف،
ابقَ لأنك إذا فقدت نفسك، فلن يعوّضك عنها شيء.
ابقَ عندما تفشل في تبرير سلوكهم، وتنجح في فهم ذاتك،
عندما تعجز عن مجاراة التلوّن، وتكتفي بلونك الوحيد.
ابقَ حين تكون الحقيقة صامتة والكذب صاخبًا،
ابقَ لأن صوت الضمير لا يحتاج ميكروفونًا، بل قلبًا صاحيًا.
ابقَ حين لا يصفق لك أحد،
حين تُحارب لأجل مبادئ لا يراها من اعتاد العتمة،
ابقَ حين تحس أن قلبك يؤلمك لا من الضعف، بل من الطهارة في زمن التلوث.
ابقَ حين تُرمى بالنوايا، وتُتهم بالجمود، وتُقصى لأنك “مختلف”،
ابقَ لأن الاختلاف ليس عيبًا، بل شرف في زمن التكرار.
ابقَ لأجل من يراك قدوة وهو لا يجرؤ على قولها،
لأجل من يتعلم منك الصدق بالصمت لا بالكلام،
ابقَ لأجل قناعاتك، لأنك إن تنازلت عنها، لن تبقى بعدها شيئًا.
ابقَ عندما تكون الشجرة الوحيدة التي لم تنحنِ للعاصفة،
ابقَ حين ترى الأطفال يفتقدون قدوة، في زمن امتلأ بالنماذج الفارغة،
ابقَ حتى وإن شكّ الجميع في صوابك،
فالصواب لا يحتاج جمهورًا… يحتاج قلبًا ثابتًا فقط.
ابقَ عندما لا يعود للبقاء معنى عند غيرك،
فأنت لست مثلهم، ولن تكون.
ابقَ لأنك تعرف الطريق، ولو سار غيرك في الاتجاه المعاكس.
ابقَ لأنك أنت، لأنك لم تخن، لم تكذب، لم تساوم.
ابقَ لأنك آخر ما تبقى من نقاء هذا العالم.
ابقَ… وكن شاهدًا على أن الإنسان لا يزال قادرًا أن يكون إنسانًا.




