في زمنٍ اعتدنا فيه جلد الذات عند أول تعثّر، جاء المنتخب الأردني ليقدّم درساً مختلفاً: الهزيمة ليست دائماً خسارة، وبعض الخسائر تُكتب بمداد الفخر لا بخيبة الأمل.
في نهائي كأس العرب، لعب المنتخب الأردني بقوة وشجاعة وانضباط أمام منتخب مغربي عريق ومكتمل الأدوات. خسرنا النتيجة، نعم، لكننا ربحنا الاحترام، وربحنا صورة منتخب يعرف ماذا يريد، ويعرف كيف يقاتل حتى الدقيقة الأخيرة.
لم يكن الوصول إلى المباراة النهائية صدفة ولا ضربة حظ. كان نتاج عملٍ تراكمي، وانضباط فني، وروح جماعية ظهرت في كل مباراة. لاعبونا لم يدخلوا الملعب كأفراد يبحثون عن مجد شخصي، بل كمنظومة متكاملة تحمل اسم الأردن وتدافع عنه بثقة ومسؤولية.
ما يلفت الانتباه في هذه التجربة أن المنتخب لم ينهَر أمام الضغط، ولم يتراجع أمام اسم الخصم أو جمهوره أو تاريخه. لعب بندّية، وفرض إيقاعه في فترات طويلة من اللقاء، وأثبت أن الكرة الأردنية قادرة على منافسة الكبار حين يتوفر الإيمان والعمل.
الخسارة في النهائي لا تلغي الحقيقة الأهم: هذا منتخب يُبنى، لا يُستَهلَك. منتخب يمتلك هوية، ويقدّم رسالة واضحة مفادها أن الإنجاز لا يُقاس بالكؤوس فقط، بل بالمسار، وبما يُزرع في عقول اللاعبين والجماهير معاً.
اليوم، لا نحتاج إلى أعذار ولا إلى تبريرات. ما نحتاجه هو أن نقولها بثقة: خلو راسكم مرفوع. هذا منتخب مشرّف، وهذا جيل يستحق الدعم لا التشكيك، والاستمرار لا الهدم.
المنتخب الأردني خسر النهائي … لكنه ربح وطناً يؤمن به أكثر من أي وقت مضى.
يكفي أن تقول " أنا أردني .. وسيفهم الجميع "




