في زمنٍ عزّ فيه الفعل وكثر فيه القول، برزت الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية كسفيرٍ للخير والمحبة، تحمل على عاتقها رسالة سامية تتجاوز الحدود والجغرافيا، وتلامس نبض الإنسان في كل مكان. إنها وجهٌ حضاريّ وإنسانيّ مشرق، يعكس روح الأردن الأصيلة ومبادئ القيادة الهاشمية التي جعلت من العمل الإنساني نهجاً لا شعاراً.
الهيئة ليست مجرد مؤسسة إغاثية، بل هي منظومة متكاملة من القيم، تعمل بصمت ولكن أثرها يصخب في كل ركن فيه محتاج أو منكوب. رجالها يسابقون الزمن، يقحمون أنفسهم في مناطق الخطر لا لإنقاذ وطن فقط، بل لإنقاذ إنسان. لا يعرفون المستحيل، ولا ينتظرون التصفيق، بل يحركهم الإيمان بواجبهم الأخلاقي والإنساني.
من غزة الجريحة، حيث تنزف الكرامة والألم في آنٍ معاً، إلى مخيمات اللاجئين في كل بقاع الأرض، كانت الهيئة في الصفوف الأولى. تمدّ اليد ولا تسأل، تبني الجسور وتفتح الطرق، وترسل الإغاثة قبل أن يصل النداء. أطفال غزة يعرفونها، ونساء غزة يدعون لها، ورجال غزة يشهدون لها... أما المشككون، فهم أضعف من أن يدركوا عظمة الفعل لأنهم قَصَروا عن أن يكونوا جزءاً منه.
الهيئة لم تكتفِ بما هو تقليدي، بل كانت سبّاقة في ابتكار وسائل لفك الحصار وإيصال العون رغم كل التحديات. سخّرت الدولة الأردنية علاقاتها الدبلوماسية، واستخدمت كل ما تملك من تأثير لنُصرة المظلوم ودعم المحاصر، ورفضت أن تكون شاهدة على الألم دون أن تتحرك.
ولأن العمل الصادق لا يحتاج إلى تبرير، فإن الهيئة تمضي في طريقها بثبات. لا تلتفت للوراء، ولا تتوقف أمام حملات التشكيك التي لا تصدر إلا من عاجزٍ أو حسود. فالأفعال الكبيرة تُقاس بنتائجها، وليس بأصوات المتفرجين.
نعم، الهيئة الخيرية الهاشمية هي ضمير الأمة الذي لم يصمت، وهي الذراع التي امتدت لتربت على كتف الملهوف، وهي القلب الذي ما زال ينبض بالرحمة رغم كل ما يجري من فوضى وتقصير.
فلنرفع القبعات احتراماً، ولنكتب التاريخ بمداد الحقيقة: هناك من يعمل بصمت، وهناك من يكتب بمداد الحقد، ولكن بين هذا وذاك، تبقى الهيئة عنواناً للفخر ورايةً للإنسانية..




