نقل المصريون قديماً الاحتفال بعيد الحصاد، "شم النسيم"، وطقوسه إلى حضارات الشرق القديم في عهد الملك تحوتمس الثالث (1479-1425 قبل الميلاد) وفتوحاته العسكرية، التي أسهمت في توسع الإمبراطورية المصرية جغرافياً، وخروجها بعيداً عن نطاق حدود الدولة المصرية، ونشر عادات وتقاليد مصرية غريبة عن هذه الحضارات، فكُتب لها الاستمرار وإن حملت أسماء مختلفة.

وروجت مصر عقائدها واحتفالاتها بنفس الفكر العقائدي المحلي، كما حمل عيد الحصاد نفس مفهوم تجدد الحياة وبداية الخلق كل عام في حضارات الشرق القديم، واعتبرته شعوب تلك الحضارات بداية لسنة جديدة لبعث الحياة، كما حدث في الحضارات البابلية والفارسية والفينيقية.

ويعتبر عيد "شم النسيم" الاحتفال الوحيد الذي جمع المصريين بمختلف عقائدهم الدينية منذ آلاف السنين، دون أن يلبس ثوباً عقائدياً على الإطلاق، فالمشهد التاريخي في مصر يُؤْثر التصورات الذهنية التي غالبت الأيام، بعد أن ظلت أرضها المركز الأول لكل حياة، حياة الآلهة وحياة البشر، فكل شئ ينطلق انطلاقاً من هذا المكان.

وتقول لالويت عن الفكر المصري قديماً: "تغلغل الإيمان إلى أعماق أعماق هذا الشعب، فكان الكون بأكمله بمختلف عناصره: أحياءً أو جماداً، بشراً أو حيواناتٍ، كوناً إلهياً".

وتضيف: "الدين موجود في كل عنصر من عناصر الحضارة المصرية القديمة، إنه دين الأمل والرجاء، تصوروا الموت مجرد رحلة إلى أبدية إلهية، وحافظوا على إقامة الشعائر، بما يضمن لهم البقاء على قيد الحياة بقاءً لا نهاية له".