*
الاثنين: 29 ديسمبر 2025
  • 09 أيار 2013
  • 00:47
صميميةْ
الكاتب:
صميميةْ
كلمة السر في تركيا اليوم هي: صميميتْ، أو صميميةْ، وهي كلمة تركية من الواضح أن أصلها عربي، وتكتب هكذا بالتركية: samimiyet ومعناها الإخلاص في النوايا، أو صدق النية، ويقال فلان ليس صميميا، أي ليس صادقا، أو نيته ليست صافية، وحسب اشتقاق الكلمة في أصلها العربي، فهي مشتقة من صميم، والكلمة في قاموس اللغة: اسم علم مذكر عربي ، معناه : الشجاع ، الشديد ، صاحب العزم والرأي ، الأسد ، السيف الماضي ، العظم الذي به قوام العضو ، الخالص ، المحض .وكلها معان تجدها في هؤلاء الذين يقودون تركيا اليوم، وبلا اي مبالغة! سمعت هذه الكلمة (صميميتْ) من رجل اسمه سردار جام، يرأس وكالة التعاون والتنسيق التركية، وهي مؤسسة تتبع رئيس الوزراء التركي اردوغان شخصيا، ومهمتها تقديم المساعدات لمن يحتاجها خارج تركيا، وقد انفقت مليارين ونصف المليارالعام الماضي في عدة دول عربية (خاصة دول الربيع!) وغير عربية، وبالطبع انت لا تستطيع إنفاق هذا المبلغ وأهلك يحتاجونه، وهو بحد ذاته مؤشر على عافية وصحة المجتمع التركي، وقد جاء الحديث عن صميميت هذه، في سياق فك كود النجاح الذي يحققه هذا البلد، في مختلف المجالات! أمضيت هنا فقط يومين في انقرة، ولا أبالغ إن قلت انني بحاجة لكثير من الصفحات لأملأها في الحديث عما رأيت وسمعت، مع أنني والوفد الصحفي العربي الذي يمثل عشر دول عربية من بينها الأردن، لم نلتق بعد لا رئيس الدولة ولا رئيس وزرائها ولا وزير خارجيتها، وإن كنا سنلتقي وزير الخارجية اليوم، كما قيل لنا، إن شاء الله، ولكن بوسع المرء ان يسجل بضع ملاحظات سريعة، تعطي مؤشرات بالغة الأهمية، عما يحدث في تركيا: في يوم وصولنا علمنا أن تركيا دفعت آخر دولار مما عليها من ديون للبنك الدولي، وهي مبلغ 5 مليارات دولار، وبدات مرحلة المشاركة في «إقراض» البنك ليقرض الدول «الفقراء» والمتعثرة، وكي نعرف مغزى ودلالة هذا الحدث يتوجب علينا أن نعرف ان تركيا كانت مدينة بمبلغ 23 مليار دولار ورثها عن أسلافه! علمت أن اردوغان تعرض لأربع محاولات انقلابية فاشلة ومحاولتين لاغتياله، دبرتها الدولة العميقة، وحزب الإدارة العامة، كما يسميه صديقنا خالد رمضان، وعلمت ايضا أن السنتين الأوليين من حكم الرجل شهدت مظاهرات مناهضة لحكمه اكثر شراسة من المظاهرات التي تدبر ضد مرسي الآن، يعني مرسي لسه بخير! من المنجزات الأردوغانية التي شاهدتها بنفسي، تعامل عبقري مع البيوت العشوائية التي نمت في أنقرة، واسطنبول، العبقرية هنا: كيف «نهدم» العشوائيات ونبني عمارات، ويستفيد الكل؟ خارج النص-بقية كانت هذه فكرة اردوغان وهو رئيس بلدية، هدم البيوت العشواية، وشراء الأرض من أهلها، وهم ليسوا كذلك، لأنها ارض تابعة للدولة، ولكن صاروا أهلها بوضع اليد، المهم أسست البلديات والدولة شركة تبني مكان العشوائيات بيوتا حديثة، تعطي لصاحب العشوائية شقتين، بدلا من الأرض، وتبيع الباقي، أما من لم يشأ التعامل بهذه الطريقة فيأخذ ثمن أرضه ويمضي! وهكذا، تُحل مشكلة العشوائيات، وتتحدث المدينة، وقل مثل ذلك عن الكثير من المنجزات الهائلة، مثل: ارتفع الدخل القومي من 230 مليار الى 735 ملياردولار . ارتفعت الصادرات من 36 مليار الى 133 مليار دولار. ارتفع دخل السياحة من 21 الى 50 مليار دولار. ارتفع عدد زوار المتاحف من 7 ملايين الى 26 مليون. تم انشاء 167 سدا وبحيرة و15 محطة هيدروكهربائية جديدة، ارتفع متوسط دخل الفرد السنوي من 3000 الى 10500 دولار، والخطط جارية لرفعه إلى 26 ألفا، والحديث يطول، عن حل مشكلات السير والنظافة، وإنشاء القطارات السريعة والمترو، وغيرها الكثير الكثير! لا أريد ان أسترسل أكثر، ففي الجعبة ما لا يتسع له مقال، فلعلنا في أيام قادمة نتحدث بشيء من العمق عن هذه التجربة العبقرية المبهرة، أملا في التأسي بها، او الحث على الغيرة منها، إن كان ثمة من يغار، فيطلب النجاح، شريطة ان يتوافر لديه ولو القليل من صميميتْ!

مواضيع قد تعجبك