*
الثلاثاء: 23 ديسمبر 2025
  • 02 نيسان 2010
  • 00:00
خفة الظل وخفة الوزن
الكاتب:
خفة الظل وخفة الوزن
امس كان الاول من نيسان اليوم الذي وقفه »الصادقون» ليكون يوما للخروج عن مألوف صدقهم بكذب ابيض لا يخدش ولا يؤذي، لكن من قال ان ثمة اكاذيب لا تخدش او تؤذي؟ اصل الحكاية النيسانية اوروبية المنشأ وتحديدا في القرون ‏ ‏الوسطى حيث كان نيسان شهر الشفاعة للمجانين وضعاف العقول ‏وغير المهنيين ‏فيتم اطلاق سراحهم في اول الشهر فيما يواظب العقلاء على الصلاة من اجلهم لعل الله يشفيهم ، ومنذ ذلك الوقت تبلور عيد ‏ شعبي ‏عرف باسم عيد المجانين الشعبي ليقابل عيد القديسين الكنسي. لذلك فان الذين يطلقون الكذبة النيسانية البيضاء هم في الواقع ورثة اولئك المجانين في القارة العجوز الذين كانوا يظفرون بيوم وحيد من ايام السنة ( الاول من نيسان) ليعبروا عن جنونهم – غير المبدع – عبر اطلاق الصيحات والقصص والحكايات والهلوسات التي نسجها خيال غير سوي فيضحك المارة وعابرو السبيل وتارة يصدقون، ومن يصدق حكايات المجانين من الاسوياء ينضم في نظر العقلاء الى قائمة المجانين فيعتقل الى السنة التي تليها. خفة الظل لها متطلب سابق يتمثل في قبول النكتة والتسامح مع عواقبها غير ان خفة الظل هذه تنقلب الى خفة في الوزن النوعي ان لم تأت العقابيل كما يشتهي مطلق النكتة فكم من ازمة قلبية حدثت بسبب كذبة نيسانية وكم من الدموع سحَت على عزيز قصف عمره كذاب نيساني تدرب طوال العام كي تغدو كذبته قابلة للتصديق. 364 يوما للصدق وواحد للكذب ، الا ترون انه غير عادل ولا واقعي وهل تحتمل الحياة كل هذ الصدق المزيف، وماذا لو اطلق محترف الكذب النيساني كذبة في غير ذلك اليوم الموعود فهل تقبل منه، واذا كان ذلك الاشر من الحرص بحيث يغدو صادقا طوال العام ليبرر كذبته في ذلك اليوم فهل سيصدقه الناس في الاول من نيسان ام يضمون الاول من نيسان الى باقي ايام السنة؟ نيسان لدى البعض يختزل العام بايامه ولياليه بل يغدو ذلك اليوم بالنسبة لهم الممثل الشرعي والوحيد لباقي ايام السنة ربما ان الاجدى ان يوقف يوم للصدق في زحمة الترويج لانصاف الحقائق وارباعها واثلاثها لا ان يحتفل بنقيصة تقتل المروءة تحت يافطة تسمى جزافا »خفة ظل» في حين انها لا تحسب اكثر من كونها خفة وزن بالمعايير الاخلاقية والدينية والصحافية والسياسة والاجتماعية.   الرأي

مواضيع قد تعجبك