*
الثلاثاء: 16 ديسمبر 2025
  • 26 فبراير 2022
  • 09:39
تكرار البرامج الأكاديمية ومعدلات البطالة
الكاتب: أ.د. يونس مقدادي
تكرار البرامج الأكاديمية ومعدلات البطالة

يلاحظ المتابعين للشأن الأكاديمي في الجامعات الأردنية بتسابق ملحوظ بتقدمها بطلبات فتح برامج أكاديمية جديدة ‏وهذا حق مكتسب للجامعات في ظل رؤيتها الأكاديمية والاستراتيجية للإيفاء بسد إحتياجات السوق المحلي ‏والأقليمي من الكوادر المؤهلة والمسلحة  معرفياً ومهاراتياً وتطبيقياً وخاصةٍ في ظل التغير الملحوظ في إتجاهات ‏سوق العمل نحو التخصصات التطبيقية والتقنية وغيرها والتي أصبحت ماسة وبشكلٍ مستعجل.‏
ولكن وبالرغم من ذلك لا زلنا نعاني من ارتفاع معدلات البطالة السنوية في أعداد الخريجين الكبيرة ومن كافة ‏الدرجات العلمية والدليل على ذلك ما أشار اليه ديوان الخدمة المدنية مراراً بإن الكثير من التخصصات قد أصبحت ‏راكدة، والسبب الحقيقي بإعتقادنا هو السماح لغالبية الجامعات الحكومية والخاصة بإستحداث نفس البرامج ونخشى ‏بإن نرتكب نفس الخطأ دون النظر للعواقب المتوقعة في ظل ضخامة أعداد الخريجين المتوقعة ومحدودية فرص ‏العمل المتاحة لهم محلياً وأقليمياً وبالتالي يصعب على الجميع إيجاد الحلول للخروج من مأزق البطالة.‏
قد نتفق جميعاً مع الاتجاه نحو إستحداث برامج جديدة وحديثة ولكن أن تكون بشكلٍ مدروس وبدقة وفقاً لخطط ‏استراتيجية متوسطة وطويلة المدى لسد حاجة السوق المحلي بقطاعاته المختلفة مع الأخذ بعين الأعتبار الأعداد ‏المطلوبة من الخريجين للفترة القادمة بدلاً من فتح عملية الإستحداث وبشكلٍ واسع لبرامج تحمل نفس الأسم والهدف ‏أو ما شابه مما يقودنا بالتالي لإرتكاب نفس الأخطاء التي حصلت في السنوات الماضية والتي كانت نتائجها الكم ‏الكبير من الخريجين العاطلين عن العمل.‏
إن أصل العلاقة التشاركية بين مؤسسات التعليم الجامعي وسوق العمل وغايتها هو توفير فرص العمل للخريجين، ‏بإعتبار عملية التوظيف مسؤولية جميع الشركاء للحد من نسبة البطالة المتزايدة والتي أصبحت حديث ومعاناة ‏الجميع. وعليه نرى بإن هناك العديد من المعالجات ومعروفة لدى المعنيين والمختصين وذوي الخبرة والتي تتمثل ‏بالتركيز على التخطيط الاستراتيجي للتعليم الجامعي بالإعتماد على الدراسات الميدانية لقطاعات سوق العمل ‏بغرض تحديد اعداد وانواع البرامج الأكاديمية المطلوبة، ووضع ضوابط وقيود محكمة لإستحداث برامج أكاديمية ‏جديدة، وتوجيه الجامعات نحو برامج  تتميز بها عملاً بما يسمى بالميزة التنافسية وليس التسابق نحو التماثل ‏بالبرامج، وبناء جسور التقارب بين قطاعات سوق العمل والجامعات وإحتياجاته لتمكين الجامعات من غلق الفجوة ‏بينهما لرفد أعداد من الخريجين ضمن الطاقة الاستعابية العامة لسوق العمل المحلي على الأقل مع العلم بإن ‏الأسواق الأقليمية قد أصبحت مشبعة بحكم عدد جامعاتها الكبير.‏
نتطلع جميعاً وبشكلٍ مسؤول بالعمل على تنظيم عملية استحداث البرامج الأكاديمية في اطار مدروس ومنظم ‏ضمن رؤى إستراتيجية حرصاً من الجميع كشركاء للحد من معدلات البطالة وأن نحذر من الوقوع بنفس الخطأ بما ‏يسمى بالبطالة المقنعة، ونحن نفتخر بوجود قامات أكاديمية صاحبة خبرة واسعة ممن هم في موقع المسؤولية في ‏وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومؤسساتها وفي جامعاتنا الأردنية وجميعهم على قدر من المسؤولية وبتطلعاتهم ‏نحو بناء مستقبلٍ زاهر لمسيرة التعليم الجامعي وللخريجين ليسود الرخاء بإبعاده الأقتصادية، والاجتماعية، ‏والشخصية، والنفسية ولصالح الجميع والمستقبل الذي تتطلع اليه الأجيال القادمة.    ‏
 

مواضيع قد تعجبك