*
الاربعاء: 31 ديسمبر 2025
  • 21 نوفمبر 2011
  • 18:03
القمح واسماء ومسميات
الكاتب: ابراهيم شاهزاده
القمح واسماء ومسميات
نمت عاصمتنا الاردنية عمان عبر السنين الى حد لم نكن نحن ،او ما ندعى بالجيل القديم ،   نتصوره حتى اصبحت بلدة الرصيفة   ومدينة الزرقاء ومدينة صويلح ومدينة ناعور وقريبا حسب هذا النمو المتسارع مدينتا السلط ومادبا وكأنها ضواحي للعاصمة . اما وادي السير ومرج الحمام وغيرهما سأدعهم الى ما سأخلص اليه في هذه المقالة. كنت على وشك أنهاء المرحلة الابتدائية   في عمان عندما كان والديّ كما هو شأن اولي امر زملائي يحذروننا من عدم الابتعاد عن الجوار وكان هذا الجوار هو ما كنا نسميه بملعب الكوبان الذي   يحاذي بيادر القمح نلعب كرة القدم في ذلك الملعب الذي   يجاور هذه الايام الكلية العلمية الاسلامية في جبل عمان اي ما قبل الدوار الثاني. و بعد ذلك الملعب كانت هناك طريق بدائية زراعية تصل ما بين عمان وبلدة وادي السير وعلى جنبات هذه الطريق وعلى امتداد البصر كانت هناك بيادر القمح   ولا اقول الشعير اذ كانت الماشية ترعى في مكان آخر ليس بعيدا هو مرج الحمام الذي كان   حتى الستينات من القرن السابق عبارة عن أراض زراعية تنمو فيها الحشائش والاعشاب ويزرع فيها البرسيم وغيره . وعندما كانت هذه الحشائش والاعشاب تجف في فصل الصيف كانت ُتجتز لتصبح وقودا   لصاجات خبز عجين طحين القمح وللتدفئة في قارس البرد. واذا ما اتجهنا الى الجنوب الشرقي اوما اصبحتا تسميان الان بسحاب والجويدة   فكنا نشهد وعلى امتداد البصر بيادر القمح والشعير. ( وهذان الاسمان كماهو الحال مع رأس العين ومرج الحمام   تدل على معانيها ) ويعلم الجميع ان القمـح هو أكثر المحاصيل الغذائية أهمية . ويعتمد مئات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم على الأغذية التي تصنع من حبوبه . فهل وقعنا فخا لاضحوكة سميت معونات القمح ولم نستمع الى نصائح اولي الامر منا بان نتوسع شرقا بدل الغرب والجنوب فلم تتح لنا اطماعنا ، ولا اود ان اسميها بمؤامرات علينا ، بسماع تلك النصائح حتى بتنا نستورد قوت يومنا ،الذي بدأ بما كان يسمى منحا    ونشتري من اوكرانيا هذه الايام جزأ من حاجتنا هو عبارة عن مائة الف طن من القمح بسعر 288 دولارا للطن الواحد . ولو كنا قد استمعنا الى تلك النصائح لكان انتاج مناطقنا الغربية والجنوبية المحاذية لها سيكفينا حتى لو بلغنا ضعف عددنا اليوم. وللاسف تحولت هذه المناطق الى غابات ولكن من الحجر والاسمنت   والحديد. اما الرصيفة فكانت مليئة باشجار الفاكهة من كل ما لذ وطاب. وكانت المتنزهات تنتشر على ضفاف سيلها وهكذا كان حال عين حزير في ضواحي السلط وسيل وادي شعيب .  الزرقاء التي ولدت فيها كنا نشرب من مياه نهرها العذبة الذي كانت احدى ينابيعه تغذي بركة سباحة حديقة   الجيش المتاحة لكل مواطنيها بالمجان. واما مادبا فكانت رغم بعدها نسبيا في تلك الازمان فكان تراب الارض الخصبة الممتدة من عمان اليها وكأنه الحناء فيزرع فيها ما يخطر على البال من بطيخ و شمام وخضار واشجار الفاكهة والزيتون. وكنا نمضي ايام العطل في مزارع فلان او علان او بجوارها الممتدة على جنبات الطريق حتى مدينة الفسيفساء. ولنعد الى عمان حيث   كنا لا نسبح فقط بمياه نهرها عند رأس العين بل كنا نتبارى في   الغطس فيه من علو . جميل ان نتذكر اسماء مناطق ما زلنا نرددها اليوم فنقول " البيادر " و " رأس العين " و " مرج الحمام " وغيرها من التسميات التي جهدت امانة عمان   بوضع لافتات تشير الى اتجاهاتها   . ولكن المحزن في كل ذلك اننا ما زلنا نسمي تقاطع وادي صقرة الذي يوجد على بعض ارصفته عدد ضئيل من الاحواض الهزيلة   فيها خصلات من   نباتات يتكاسل القريبة محلاتهم منها بسقايتها ، ما زلنا نسمي تلك المنطقة ليس فقط حديقة بل " حدائق الملك عبدالله " مؤسس المملكة !!! وانا على امل بل يقين باننا لو نستجيب لحامل اسمه ودعواته المتكررة لنا بالاصلاح وعلى كافة الصعد والذي اطلق هو اسم والده رحمه الله   على حدائق   ومسجد الحسين ، نحن الذين   لم نصغ بعقولنا وقلوبنا الى دعوات   والده طيب الله ثراه " اردن اخضر بحلول عام 2000 " وما زلنا نحول الاخضر الى يابس . فلو نصفي النيات   لتركنا فولكلور ما بعد صلاة ايام الجمع وزرع كل واحد منا شجرة واحدة على الاقل   يرعاها حتى يشتد عودها ليصبح   الاردن كله حدائق عبدالله المؤسس وعبدالله المعزز والتي ستكون حدائق كل واحد منا تجلب لنا الرطوبة التي تشكل السحب مصدر   الغيث   فلربما احجمنا عندها   عن قول لو ...واحيينا اراض جديدة نعود فنزرعها قمحا مصدر العيش كما يسمونه اخوتنا المصريون .   e-mail: [email protected]

مواضيع قد تعجبك