*
الثلاثاء: 30 ديسمبر 2025
  • 17 أيار 2012
  • 01:02
إرم ذات العماد
الكاتب:
إرم ذات العماد
انتقلنا من ثقافة «الحصادة» الى ثقافة «اللقاطة» في مكافحة الفساد فتركنا البيادر وركضنا على السنابل وكأن القضية برمتها ليست أكثر من تحذير لمريض مصاب بالسرطان. في يوم من الايام دعانا وزير اشغال سابق بمعية عدد من الكتاب للقاء في وزارته وكان الحديث شيقاً اذ أعلن معاليه أمامنا ان الوزارة بصدد بناء 210 آلاف وحدة سكنية في خمسة أعوام وان هذه الوحدات السكنية ستشكل مدينة جديدة شرق العاصمة عمان. الزملاء لم يتمالكوا أنفسهم من الضحك والوزير يستطرد بالشرح عن هذه المدينة فاقترحنا عليه تسميتها «إرم ذات العماد», طبعاً بعد ان استشارنا باسم المدينة الافضل اقترح زميل بان تسمى باسم قلعة عربية تاريخية شهدت انبعاث الثورة العربية وكان الاقتراح لافتاً لأنه يربط تلك الثورة بالثورة العقارية الكبرى التي كانت تلفح بلهيبها وجوه الاردنيين طوال عامي 2007 و2008 «إرم ذات العماد» تلك لم تكن وهماً ورقياً فقط بل لقد ادخلنا ذاك الوزير الى قاعة كبيرة وفيها طاولة عملاقة يجلس الى جوانبها خبراء قال لنا انهم من بريطانيا بالرغم من أن سحناتهم تدلل على أنهم من شبه القارة الهندية, لكن قد يكونوا قد حصلوا على جنسية بريطانية باعتبار أن شبه القارة تلك كانت درة التاج البريطاني وباعتبارنا نتشارك مع الهنود في الماضي الاستعماري فقد بدا الأمر منطقياً.. المهم في الأمر كان الحديث عن 210 آلاف وحدة سكنية بسكان يقدرون بمليون ومئتي الف مواطن صممت لهم البنى التحتية ورسمت لهم المدارس والمولات والجوامع والملاعب والاسواق التجارية وكل ما تحتاجه المدن الحديثة الى درجة قسمت الى أحياء راقية وأخرى ليس فيها من الرقي ذرة.. وحين سئل القوم عن ذلك قيل لنا ألم يقل رب العزة «ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات». كانت تلك المشاريع أشبه بمن يُعلب الفضاء ويغلف الغبار ويدهن العتمة بالشيد وكل ذلك من أجل انجاز تنمية وهمية تمتص ما تبقى من مال في جيوب الفقراء.. اليوم نحصد الحصاد المر وحين يقول أحدهم نريد مكافحة جدية للفساد يستبدل القوم ثقافة الحصيد بثقافة الالتقاط ولا أحد يريد ان يتذكر إرم ذات العماد. الرأي

مواضيع قد تعجبك