مرة أخرى تكشف الأخطاء الطبية أن النظام الصحي بحاجة إلى مراجعة عميقة وجريئة، فالموروث من قانون، أنظمة أو تعليمات جميعها ثبت أنها تعاني من ثغرات كثيرة تجليها الأكبر كان غياب الاختصاصيين في ملاك وزارة الصحة بسبب الموازنة المتواضعة!؟ من جهة، وحرمان المجتمع من فئات الكفاءات التي تحمل تخصصات أجنبية، حالت التشريعات السارية دون إعطائهم حق خدمة هذا المجتمع الذي يدفع ثمناً باهظاً من حياة أبناءه مرة تلو المرة من جهة ثانية.
كتبت مرة، وأكتب مرة أخرى محاولاً الإجابة على سؤال لماذا يهاجر شبابنا؟ مجتهداً أن أسباب هجرتهم الرئيسية تتمثل بالتشريعات، الإجراءات وغياب العدالة حتى في تطبيق نصوص هذه التشريعات .
سلطت الصحافة الضوء خلال الأيام الماضية على مخرجات اللجنة التي سبق أن شكلها وزير الصحة د. نذير عبيدات للتعامل مع أطباء الاختصاص الأردنيين الحاصلين على شهاداتهم من خارج الأردن وقدمت اللجنة تقريرها حيث توانت وزارة الصحة عن الأخذ بالنصف الأول من مقترحاتها حول تسمية طبيب مؤهل عامل لدى وزارة الصحة وتركت الوزارة العاملين في القطاع الخاص دون معالجة خلافاً لأحكام الدستور التي حرصت على المساواة بين الأردنيين وأطباء الاختصاص الذين يحملون شهادات اختصاص من دول أجنبية، خاصة من حملة شهادات دول الاتحاد السوفييتي السابق الذين سمحت لهم حكومات تلك الدول معالجة مواطنيها، والصحة الأردنية والمجلس الطبي منعت على هؤلاء حقهم وحق المواطنين في الاستفادة من علمهم ومهنتهم!؟
هنا أشتق سؤالاً مطروحاً بإلحاح في هذا المجال موجه إلى وزارة الصحة الأردنية والمجلس الطبي الذي يترأسه وزير الصحة عن من الرابح ومن الخاسر فيما لو سمحت التعليمات لهؤلاء التقدم للامتحان الأول للحصول على لقب طبيب مؤهل ومن ثم للامتحان الثاني لمن يرغب (البورد)؟ اللذان ينظمها المجلس الطبي للحصول على شهادة المجلس الطبي الأردني وفي حالة نجاح بعض هؤلاء الأطباء، فمن حقهم الحصول على الاعتراف بالاختصاص الذي يحملونه، وإذا لم يحالف الحظ بعضهم الآخر، فمن حقهم الدستوري ان يحصلوا على المساواة مع زملائهم في وزارة الصحة الذين حصلوا على لقب طبيب مؤهل.
إن العودة إلى الدستور هي الأهم من العودة إلى القانون والتعليمات وإن كشف وزارة الصحة عن أن غياب التخصصات الطبية، ساهم في ارتفاع الأخطاء الطبية من جهة رغم وجود مئات الأطباء الذين يحملون شهادات اختصاص في الأردن سواء كانوا ممارسين أو غير ممارسين من جهة أخرى، يفرض علينا تحمل مسؤولياتنا وفي المقدمة دائماً، وزارة الصحة ووزيرها المبدع الذي أتت به الظروف الصحية التي اجتاحت العالم وغير المحسوب على الطبقة السياسية التي تتوارث المناصب والحقائب على حد سواء، منذ عقد من الزمن، تجعلنا نتفاءل كثيراً في أن يولي الوزير فراس هذا الموضوع اهتمامه الحقيقي للخروج من هذا المأزق الذي نعيشه ويعيشه أبناؤنا الأطباء، الذين تكبدوا أموالاً كثيرة ومعاناة كبيرة، آن الأوان للاعتراف بهم ومنحهم حقوقهم التي كفلها الدستور.




