*
الجمعة: 19 ديسمبر 2025
  • 06 فبراير 2021
  • 14:18
البروفيسور  عوض منصور الذي خَسِرناه
الكاتب: عوض الملاحمة
البروفيسور عوض منصور الذي خَسِرناه

عندما أكتب ، وأُعبِّر عن مشاعر الحسرة على وطني ، وما آل اليه من إنحدار ودمار ، قد يلومني البعض ، وآخرون قد يعتبروني مُبالغاً . واليكم الدليل الحقيقي القاطع الأكيد على خسارة الوطن لعلماء ، ومبدعين ، وعباقرة متميزون ، همّشهم الوطن ، واهملهم ، ولم يُلتفت اليهم والى تميزهم وعِلمهم ، فاضطروا لهجر الوطن ، وغادروا مضطرين ، الى عوالم اخرى اخذتهم بعيداً عن مسقط رأسهم ، وابتعدوا عن ملاعب الطفولة ، والأهل والصحاب . ذهبوا الى حيث التقدير ، والتقييم الحقيقي لكفاءاتهم ، فاعطوا موطنهم الجديد وأبدعوا ، وعاشوا رغد العيش ، ويُسر الحال ، لكن ثمة ما ينغص عيشهم الرغيد ، ويُبقي غصة ، وفي القلب والحلق حسرة على البعد عن مرابع الطفولة وعذاباتها وحتى شقائها وعوزها .

في مقالٍ سابقٍ لي بعنوان (( أردنيون .. متميزون )) ، الذي نُشر على موقع خبرني الشهير بتاريخ ٢٠٢١/١/٣١ ، وفي الفقرة الثالثة ، تحت رقم (( ثالثاً )) تَحدَّثتُ عن العالِم البروفيسور / عوض منصور ، الذي كان أُستاذاً في جامعة العلوم والتكنولوجيا ، وسَجَّلَ عِدة براءات إختراع لأدوية لمعالجة امراضٍ مُستعصية ، ولم يَعبأ به الوطن ولا باختراعاته ، وعانى من الإهمال والتهميش ، والتضييق ، وحتى الإستهداف ، مما اضطره للهجرة الى امريكا ، حيث تم الترحيب والإحتفاء به ، وتم تبني كل إختراعاته . واليكم المفاجأة المُفرِحة ، المُحزِنة في آنٍ معاً . أنا شخصياً لم اتشرف بمعرفته ، ولا حتى الالتقاء به ، وكل ما عرفته عنه منذ ما يقارب العقد ونصف ، عن طريق إبنتي التي دَرسَت البكالوريوس والماجستير في جامعة العلوم والتكنولوجيا . فوجئت اليوم بتعليق منه أسعدني وتشرفت به ، مع انه لم يكن صديقاً عندي على الفيسبوك ، أسعدني تعليقه لانه تضمن تعريفاً ببعض إنجازاته العلمية المتميزة على مستوى العالم ، أسعدني ، وفي آنٍ معاً أحزنني ، وآلمني ، لان وطني مع كل الأسف خسِرَ ، وهجَّر احد عُلمائه بسبب جهالة ، وتخلف ، وعدم انتماء مسؤوليه بكافة مستوياتهم الذين دمروا الوطن وافقدوه كفاءاته العلمية الحقيقية .

وهنا سأسرد للقراء الكرام بعض انجازات عالمنا المبدع الجليل البروفيسور / عوض منصور ، والتي ارسلها لي على عَجَل ، وبعد تواصلي معه تبين انها بعض يسير من كُل انجازاته ، وهنا أسرد رسالته نصاً :- (( رددت على من ارسل لي مقالة الأستاذ الملاحمه : الحمد لله ، ذلك فضل الله وحده ، والكاتب لا يعرف الكثير مما منّ الله به علينا :- ( ١٠٠ ) بحث عالمي منشور ، ( ١٠٠ ) كتاب منها ( ٢٥ ) كتاباً مع أمازون ، ( ٩١ ) إختراعاً ، طلابي ( ١٥٠ ) دكتور ، منهم ( ٥ ) مدراء جامعات وعدة وزراء ، وكنت أصغر بروفيسور في الجامعة ، والأول من الإبتدائي الى الدكتوراه ، وآخر اختراع سجلناه هو علاج كورونا الطبيعي الوحيد الذي يقضي على الفايروس في ( ٧٢ ) ساعة فقط ، ولدينا ( ١٦٢ ) حالة شفاء من ( ٦ ) دول ، آخرها الدكتوره / سلام الطراونه ، والدكتورة / تالا خشمان ، تمت معالجتهن في ( ٧٢ ) ساعة فقط ، فلا داعي لحبس الملايين واغلاق الاقتصاد ولا الكمامات )) . انتهى الاقتباس من رسالة البروفيسور / عوض منصور .

بالله عليكم ، قرآئي الكرام ، ألا يُدمي ذلك القلب !؟ وهل تُفيد الحسرة وتهميش العلماء والمبدعين والمتميزين ما زال مستمراً وباصرارٍ من قِبل حكوماتنا غير الرشيدة ، وغير المنتمية للوطن !؟ يا ويحَ قلبي على وطني وابناء وطني الذين أجبرهم الإهمال وعدم التقدير ، وأقول لهم (( أرجوكم : هاجروا لكن لا تهجروا وطنكم واهلكم واحبتكم )) . وللعلم ان البروفيسور / عوض منصور استثمر في وطنه الاردن بالملايين وتم إفشاله وخسِر كل استثماراته .

مع كل الأسف ، وطني الحبيب ، لم يَعُد وطناً ، الفاسدون الطارئون حولوه الى عبئٍ على مواطنيه ، وترابه تبراً ومنجماً وكنزاً للفاسدين . العلاقة بين الوطن والمواطن واضحة جداً ، وتتمثل في ان يؤدي المواطن واجباته تجاه وطنه ، وبالمقابل يُقدِّم الوطن الحقوق المكتسبة للمواطن ، بعدالة ، وانصاف ، ومساواه ، وكرامه ، ودون تمييز ، بغض النظر عن آلية اكتساب الجنسية ، والتي تكون اما بالولادة او التجنس . بالله عليكم اين وطننا الحبيب من هذه القاعدة البديهية !؟ لذلك انا ارى ان وطننا رغم حُبنا وانتمائنا له ، لم يعد وطناً ، بل عبئاً على المواطن . وطننا يَنهش ، لا بل يَنهب من المواطن الكثير ، ويقدم له الهزيل . واتساءل : هل تحول وطننا الى رسن لِيُقيدنا ثم لِيَقودنا في النهاية الى الكَفن !؟

وأختم والحسرة في قلبي على ابناء وطني الذين أُجبروا على هَجرِه ، ببيت من الشعر البدوي (النبطي) كدلالة على عدم التقدير من الأهل او الوطن ، بينما يُحتفى ويفتخر به من قِبل الغرباء والدول التي لا يَمُتونَ لها بِصِلة ، يقول :-
كَمْ وَلَدْ عمّ عِند عِيالْ عَمَّهْ غَريب / وكَمْ غَريبٍ تِمَنُّوهْ الرَجالْ وَلَدْ عَمّْ .

 

مواضيع قد تعجبك