*
الاحد: 28 ديسمبر 2025
  • 27 ديسمبر 2025
  • 19:22
اتفاقية نحاس الخشبية الترسية المباشرة اختبار للشفافية لا مبررًا للغموض
الكاتب: م. عمر الساكت

قرار الحكومة الأردنية توقيع اتفاقية للتنقيب عن النحاس والمعادن ذات العلاقة كالكوبلت في منطقة الخشبية بمحافظة الطفيلة ليس إجراءً تقنيًا عابرًا، بل قرار سيادي يمس ثروة وطنية غير متجددة. ورغم ذلك، جاء القرار محاطًا بغموض غير مبرر، سواء فيما يتعلق بهوية الشركة المتعاقدة أو بآلية منح حق الامتياز أو بمضمون الالتزامات المتبادلة.

شركة غير معروفة… وأسئلة مشروعة

حتى الآن، لم تُقدَّم للرأي العام معلومات كافية حول أصل الشركة، خبراتها الفعلية في تعدين النحاس، ملاءتها المالية، هيكلها الإداري والفني، أو موقعها في السوق العالمي.

غياب هذه المعطيات لا يُعد اتهامًا، لكنه يطرح سؤالًا بديهيًا:

كيف تُمنح ثروة وطنية لشركة بلا صورة واضحة ومتكاملة أمام الرأي العام؟

الترسية المباشرة: التزام أعلى بالإفصاح

إذا كانت الحكومة قد لجأت إلى الترسية المباشرة، فإن ذلك يفرض شفافية مضاعفة، لا استثناءً من الرقابة.

والحد الأدنى المطلوب يشمل الإفصاح عن:

- قرار تشكيل اللجنة الفنية والمالية وأعضائها واستقلاليتهم،

- معايير التقييم الفني والمالي وأوزانها،

- نتائج التقييم التفصيلية التي أفضت لاختيار هذه الشركة.

من دون ذلك، تبقى الترسية قرارًا مغلقًا يصعب الدفاع عنه سياسيًا ومؤسسيًا.

متطلبات الإفصاح عن الشركة:

منح امتياز تعدين يستوجب كشف واضح عن:

- الملاءة المالية والضمانات المقدمة للدولة،

- الخبرات الفنية والإدارية والمشاريع السابقة،

- الحضور في السوق العالمي وأهم الشركاء أو المراجع الدولية.

وهنا يبرز تساؤلا مشروعا:

هل نحن أمام شركة تعدين تشغيلية حقيقية أم كيان غرض خاص أُنشئ لحيازة الامتياز؟

تقاسم المنافع والمخاطر:

جوهر أي عقد تعدين يكمن في مضمونه، لا في عنوانه.

ومن حق الأردنيين معرفة:

آلية تقاسم العوائد (الحصص، ضرائب، أرباح)،

من يتحمل مخاطر فشل الاستكشاف،

- كلف الإغلاق والتأهيل البيئي،

- وآليات فض النزاعات.

التنمية المحلية، التشغيل، والبيئة:

أي مشروع تعدين في الطفيلة يجب أن يُقاس بأثره المحلي.

وعليه، لا بد من الإفصاح عن:

فرص التشغيل لأبناء المنطقة وبرامج التدريب،

خطة إنفاق جزء من الفوائض على التنمية المحلية،

سياسات الصحة والسلامة المهنية،

وتقييم الأثر البيئي وخطط الإدارة وإعادة التأهيل.

لا أتهم احدا، ولا أحدا أدين:

لكن إدارة ملف سيادي بهذا الحجم بمنطق الحد الأدنى من الإفصاح تفتح باب الشك المشروع وتضعف الثقة العامة.

الترسية المباشرة ليست المشكلة،

بل غياب الشفافية حولها هو جوهر الأزمة.

ويبقى السؤال المشروع والمعلّق:

لماذا هذه الشركة؟ ولماذا بهذه الآلية؟ وتحت أي ضمانات واضحة؟

((وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى))

مواضيع قد تعجبك