*
الاربعاء: 10 ديسمبر 2025
  • 10 ديسمبر 2025
  • 11:34
تحدّث اللغة الأردنية بطلاقة
الكاتب: حسام الروّيس

خبرني - يتوجّه الأردنيون صباحاً إلى أعمالهم وهم يتبادلون لغة لا يفهمها إلا من عاش بينهم ، لغةٌ لا نتعلمها من كتاب ولا تحتاج إلى ضبط مخارج الحروف أو تمارين اللسان ، فاللغة الأردنية تُكتسب بالشارع فقط ولا يمكن تعلمها في المدارس أو في منازلنا  ، وإن غاب عنها المرء سنوات فإنه ما إن يعود إلى الأردن حتى تستيقظ في داخله من جديد خلال أيام قليلة .
 بعد غيابٍ طويل عن الوطن نزلتُ في مطار الملكة علياء واستأجرت سيارة متوجهاً إلى عمّان ، وبينما أقود، سمعتُ زاموراً خلفي ، فتوقفت على جانب الطريق لأتفقد السيارة ظناً مني أن هنالك خللاً ما قد حدث في إطار السيارة فلم أجد شيئاً غير عادي فتابعت مسيري ولم تمضِ سوى بضعة كيلومترات حتى سمعت زاموراً آخر، فتوقفت مجدداً لأتأكد ولم أعثر على أي مشكلة ، عندها بدأت أستعيد تلك اللغة الخاصة التي لا يعرفها إلا الأردنيون: لغة الزامور ! فالقصير منه هو تحية عابرة ، أما الزاموران المتتاليان فهما علامة على غضبٍ داخلي غالباً ما يكون موجهاً لرفيقة الطريق في المقعد المجاور وكأن السائق يقول لها: “ألم أقل لكِ ذلك؟” وأما الزامور الطويل المتوسط  فهو إشارة للاستعداد للتحرك لأن الإشارة الحمراء على وشك أن تتحول إلى خضراء ، وأما الزامور القصير جداً فهو تحية شكر ، وأما الزامور الطويل المستمر فهو  زامور غضب بمعنى (تحرك يا محترم ) وأما الزوامير المتكررة كثيراً بنفس النغمة فتدل على (موكب عرسٍّ) وهنالك العديد من الزوامير المختلفة التي تدل على أن هنالك بائعاً متجولاً في الخارج ومن خلال ذلك الزامور ستعرف ماذا يبيع دون رؤيته .

 ومع توالي الأصوات واحتكاكي بالطريق والسائقين، بدأت تلك اللغة تعود إليّ شيئاً فشيئاً ، وما هي إلا أيام قليلة حتى وجدت نفسي أتحدث اللغة الأردنية بطلاقة كأنني لم أغب عنها قط.

مواضيع قد تعجبك