خبرني - قررتُ في يومٍ من الأيام شراء جلسة خارجية تزين حديقة البيت ، بحثتُ كثيرًا عن شيء جميل ومتين، ثم دخلتُ أحد المحلات التي عرضت لي عشرات الخيارات. اخترتُ أغلى جلسة لديهم بعدما أكّد لي البائع بأنها الأفضل، وأن عليها كفالة خمس سنوات.
طلبتُ منه أن يكتب الكفالة على الوصل… وفعل ذلك فورًا.
بعد أقل من عام، بدأت الجلسة تتلف! اتصلتُ بالبائع، فرحّب وقال بثقة: “إذا معك الوصل والكفالة… نحن جاهزون لإصلاحها ،كان واثقًا بأنني لن أحتفظ بالوصل… لكنه صُدم عندما أرسلتُ له الصور والفاتورة.
ومن تلك اللحظة… اختفى، لا يوجد ردّ، لا تواصل، لا اهتمام.
وبعد محاولات طويلة، أرسلتُ له رسالة واضحة:
“هذه آخر رسالة سأرسلها لك.”ومع ذلك… تجاهلني تمامًا.
فقررت اللجوء إلى حماية المستهلك، قدمت الطلب، أرسلت الصور، وكنت متأكدًا أنهم سيتابعون الموضوع.
أسبوع وراء أسبوع… شهر بعد شهر… وكان الرد دائمًا:
“تحت الإجراء… وسنخبرك بأسرع وقت.”
وبعد ثلاثة أشهر من المتابعة والاتصالات الفاشلة،أخبروني على الواتساب:“صاحب المصلحة لا يرد… والموضوع ليس لدينا .
فاتصلت بالبائع فردّ من أول رنّة!وقال: “ولا حدا اتصل فيّ من حماية المستهلك.”
قلت له:“أنا لست غاضباً منك… سواء أصلحتها أم لا.
غضبي الحقيقي على الجهات التي مهمتها حماية الناس… لكنها شكل بلا مضمون.”
وعدني الرجل بالإصلاح… وأخذ الجلسة، ومنذ ذلك اليوم… لم يرجع لي الجلسة ولم يرجع لي ثمنها .
خسرت ثمن الجلسة… وخسرت ثقتي في جهتين:
البائع… وحماية المستهلك.
لذلك كل واحد فينا مرّ بتجربة غش من:حدّاد، نجّار، بنّاء، كهربائي، ميكانيكي، أو حتى موظف.
وفي كل مرة نبحث عن خيار مناسب، نسمع من يقول:
“والله إنه ما بقطع فرض في المسجد!”وكأنها علامة تجارية لضمان الجودة! لكن الحقيقة؟صلاته وصومه وحجّه… علاقته بربّه فقط، لا علاقة لي بدينه… ولا تدينه… ولا عباداته، أنا أتعامل مع أمانته، مع صدقه، مع ضميره، فمن المؤسف أننا صرنا نتعامل مع الأمانة وكأنها صفة جميلة إذا توفرت…بينما في الحقيقة:
الأمانة ليست ميزة… الأمانة واجب والصدق ليس فضلاً من الشخص…الصدق قانون أخلاقي يجب أن يُفرض رغماً عنه مهما كانت ديانته أو معتقده.
سواء كنتَ موظفًا حكوميًا، عاملًا بسيطًا،موظفًا في القطاع الخاص ، مديرًا كبيرًا ، ومهما كان راتبك الشهري…فأنت مُطالب بالأمانة، مُلزَم بالصدق،
ومسؤول أمام الله… وأمام الناس… وأمام نفسك.




