*
الجمعة: 05 ديسمبر 2025
  • 02 ديسمبر 2025
  • 20:41
الكاتب: الدكتور زيد أحمد المحيسن

خبرني - تشيخ المدن حين تتوقف عن الاعتناء بأساسياتها، وعمّان اليوم تعكس هذا الواقع بوضوح، فهي تمشي بخطى متعبة بين شعارات براقة وخطط محفوظة في الأدراج، بينما المواطن يواجه مشاهد يومية تحكي عن قصور ملموس: طرق متآكلة، أرصفة مكسورة، حاويات نفايات تالفة، تراكم القمامة في الشوارع، إنارة متقطعة، ومخالفات عمرانية منتشرة. على المواقع الرسمية لأمانة عمان الكبرى، تتلألأ الشعارات: «مدينة ذكية»، «عمان آمنة»، عمان امنا «عمان بيتنا»، «عمان حلوة»، «مدينة صديقة للبيئة»، و**«مدينة ذات روح»، وتحتفظ الأدراج بخطط استراتيجية تتضمن الخطة الاستراتيجية 2022–2026، استراتيجية عمان نحو التنمية المستدامة 2015–2017، الخطة الوطنية الشاملة لحقوق 2016–2025، استراتيجية عمان مدينة خضراء، واستراتيجية النقل العام والبنية التحتية**. كل هذه الخطط تحمل رؤى طموحة، لكنها لا تجد طريقها إلى التنفيذ العملي، فيما يظل المواطن يلمس يوميًا عكس ما يُعلن: فالشوارع تئن، والأرصفة تتداعى، والنظافة في كثير من المناطق غير مستقرة.

عمّان اليوم لا تحتاج شعارات إضافية، ولا خطط نظرية جديدة، بل تحتاج إلى الأساسيات اليومية التي تصنع الفرق: صيانة الطرق والأرصفة بشكل دوري، تجديد حاويات النفايات وضمان رفع القمامة بانتظام، والمتابعة المستمرة للنظافة العامة في كل حي وشارع. فحين تُصان هذه الأساسيات، تستعيد المدينة هيبتها، وتستعيد حياتها اليومية، وتصبح الأرض خصبة لتنفيذ كل رؤية استراتيجية، لتصبح الشعارات أكثر من مجرد كلمات على ورق، ولتستعيد عمّان روحها وقوتها، قبل أن تتحول الشيخوخة المبكرة الناتجة عن الإهمال إلى حقيقة يصعب إصلاحها.

فلنترك التنظير والشعارات الكبيرة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولنركز على العمل التقليدي المتقن: المواطن يحتاج إلى شارع معبد، ورصيف يمكنه المشي عليه، وشجرة مشذبة يستظل بها وقت الحر، ولمبة في الليل يجد طريقه من خلالها، وحاوية يضع النفايات فيها. هذه الأساسيات البسيطة هي التي تمنح المدينة حياةً حقيقية، وتجعل من التخطيط النظري واقعًا ملموسًا يشعر به المواطن يوميًا. عمّان تستحق أن نعيد إليها رونقها وروحها، ليس بالكلمات الرنانة، بل بالجهد المستمر والمتقن، خطوة خطوة، شارعًا شارعًا، حيًا حيًا، لتظل مدينة حية تستحق أن نعيش فيها بفخر وكرامة.

مواضيع قد تعجبك