خبرني - تولي الحكومات المختلفة اهتماماً بالغاً بالاستثمار الأجنبي المباشر خلال العقود الأخيرة، لما لهذا النوع من الاستثمار من دورٍ إيجابي في تنشيط اقتصاد الدول، سواء كانت متقدمة أم نامية. ويعرّف منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنميةالاستثمارَ الأجنبي المباشر بأنه استثمار طويل الأجل يقوم على إنشاء مشاريع اقتصادية يمتلكها المستثمر الخارجي كلياً أو جزئياً، ويديرها داخل الدولة المضيفة، سواء كان المستثمر فرداً أم مؤسسة أم شركة. ويشترط لاعتبار الاستثمار «مباشراً» أن تتجاوز ملكية المستثمر الأجنبي 10% من رأس المال أو من القوة التصويتية في الإدارة.
ويمتاز الاستثمار الأجنبي المباشر بأنه استثمار طويل الأجل يقوم على امتلاك أصول إنتاجية حقيقية، لا استثمارات مالية مضاربية، كما أنه ينقل المعرفة والتكنولوجيا الحديثة والمهارات والخبرات، ويفتح أمام الدولة المضيفة أبواباً للأسواق الدولية. وهذه جميعها عوامل يحتاجها الاقتصاد الأردني في مرحلة التحول والتحديث.
وفي هذا السياق، يؤكد منتدى الاستراتيجيات الأردني أن المستثمرين الأجانب باتوا يلعبون دوراً متزايداً في تقديم الخدمات العامة على مستوى العالم، والمساهمة في إيجاد حلول للتحديات الكبرى مثل التغير المناخي، وتحسين بيئة العمل، وتطوير معايير الصناعة، ودعم البنى التحتية في المجتمعات المحلية. ويسهم هذا النوع من الاستثمار في تعزيز الادخار المحلي، وتوفير فرص عمل، والحد من البطالة، ودعم هيكلة الاقتصاد، وصولاً إلى الرفاه الاجتماعي المنشود عبر ضخ رؤوس الأموال في السوق المحلي.
ولا يخفى أن جذب الاستثمار الأجنبي المباشر يخفّض حاجة الحكومة للاقتراض من الجهات الدولية أو الدول الأخرى، وما يترتب على ذلك من التزامات وشروط وقيود، إضافة إلى كلفة الأقساط والفوائد. كما يمتلك الأردن موارد طبيعية يمكن استغلالها بصورة أفضل عبر هذا الاستثمار بما يعزز التنافسية والتسويق للثروات الوطنية.
وبحسب إحصاءات البنك المركزي الأردني، بلغ حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2024 نحو 1.160 مليار دينار، منخفضاً من 1.424 مليار دينار في عام 2023 بنسبة تراجع بلغت 18.5%، بينما بلغ 621 مليون دينار عام 2019، و678 مليون دينار عام 2018. ويُعزى هذا التذبذب إلى عوامل جيوسياسية محيطة بالمنطقة.
ولذلك، واستناداً إلى التوجيهات الملكية، يتوجب على الحكومة مواجهة تحديات تراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال تطوير الأطر التشريعية والتنظيمية والفنية بما ينسجم مع أحدث المعايير الدولية، وتعزيز البيئة الاستثمارية لتكون أكثر جاذبية. كما يتطلب الأمر توفير المعلومات الدقيقة للمستثمرين من الجهات المختصة، ومتابعة تصنيفات الأردن في المؤشرات العالمية ذات الصلة، بما يسهم في تقليل الاعتماد على الاقتراض الخارجي والحد من تفاقم الدين العام، وتحقيق التنافسية، وترجمة الرؤى الملكية في تحفيز الاستثمار




