*
السبت: 06 ديسمبر 2025
  • 11 نوفمبر 2025
  • 13:12
الكاتب: عماد داود

خبرني - عندما تتكاثر الشعارات وتتناقص الرؤى، ويختلط الضجيج بالقرار، تطل من أرض الأردن تجربة إنسانية فريدة تسمى الحسين بن عبدالله. هي ليست مجرد قيادة، بل هي أنشودة إنسانية تعزف أنغام الأمل في زمن اليأس، وتنحت من صخر الواقع تمثالاً للكرامة في زمن التحديات.
في عينيه تحيا معادلة العصر: شاب في ربيع العمر يحمل تاريخ أمة، قائد في مقتبل العمر يحمل هموم قرون، إنسان بسيط في تواضعه يحمل تراثاً ملكياً عريقاً. هو ليس وريثاً لعرش فحسب، بل وريث لرسالة هاشمية قوامها التوازن والاعتدال والكرامة، تجمع بين الوعي السياسي والوجدان الإنساني.
عندما حمل صناديق المساعدات بيديه في زمن الجائحة، لم يكن يؤدي واجباً أميرياً، بل كان يمارس فلسفة إنسانية عميقة. كان جسده يحمل الصناديق، لكن روحه كانت تحمل رسالة: "القيادة ليست منصة ننظر منها إلى الناس، بل هي أرض نمشي عليها مع الناس، ونتشارك معهم آلامهم وآمالهم". في تلك اللحظة كان يعيد صياغة معنى القيادة في ذهنية الجيل الجديد: القيادة ليست امتيازاً بل التزام، وليست رتبة بل خدمة.
وفي لقاء سياسي معقد، كانت نظراته أشبه بأنشودة صامتة تعزف أناشيد الكرامة. حملت حزم الملك عبدالله الثاني وحنكة الحسين بن طلال، لكنها أضافت نبرة جيل جديد يؤمن أن الكرامة يمكن أن تكون حديثاً معاصراً بقدر ما هي مبدأ خالد. لقد حول الموقف إلى فن، والحضور إلى جمال، والكلمة إلى قصيدة ترويها الأجيال.
خلفيته العسكرية في ساندهيرست لم تكن مجرد محطة تدريب، بل كانت رحلة تحول إنساني من الأمير إلى الإنسان، من الوريث إلى القائد. إنها البوتقة التي صقلت الشخصية الهاشمية الأصيلة لتعود أقوى وأنقى، قادرة على حمل الأمانة ومواجهة التحديات.
وفي محافل الأمم المتحدة، وقف شامخاً بلغة الضاد، لا كشكل دبلوماسي، بل كلغة وجود وهوية. كلماته لم تكن مجرد أصوات، بل كانت حروفاً من نور تكتب فصلاً جديداً من فصول التواصل الحضاري في زمن العولمة.
لكن سر عظمته الحقيقية تكمن في تلك اللحظات الصامتة التي تهرب من أضواء الإعلام. في استضافته لعامل النظافة، كان يمارس لغة المساواة الإنسانية. وفي استماعه للشكاوى اليومية، كان يعيد تعريف السلطة كخدمة. وفي تواضعه مع المسنين، كان يكتب فصولاً جديدة من فلسفة القيادة الخادمة.
رؤيته لمستقبل الأردن خلال 25 عاماً القادمة ليست مجرد خطة تنموية، بل هي مشروع وطني يهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي. إنه يرى في التحول الرقمي فرصة للأمة، وفي الابتكار الصناعي طريقاً نحو التقدم الحقيقي. وهو يرى في المواقع الأثرية الأردنية ليس مجرد تراث، بل جسر بين الماضي والمستقبل.
في حديثه عن فلسطين وغزة، قدم الأمير درساً نادراً في الواقعية الأخلاقية، حين جمع بين الانحياز الإنساني العميق والموقف السياسي المتزن. قوله "غزة قضيتنا" لم يكن شعاراً، بل كان تعبيراً عن ضمير في زمن تاهت فيه البوصلة.
الحسين بن عبدالله هو ذلك التناغم الجميل الذي يجمع بين الأضداد: بين الأصالة والمعاصرة، بين القوة والرحمة، بين السلطة والتواضع، بين التراث والابتكار. إنه النموذج الحي للقائد الشامل في القرن الحادي والعشرين: ابن عصره بكل تقنياته، وحفيد ماضيه بكل قيمه، وأب لمستقبله بكل طموحاته.
نحب الحسين لأنه يجعلنا نؤمن بأن السياسة يمكن أن تكون نبيلة، والقيادة يمكن أن تكون رحيمة، والسلطة يمكن أن تكون خادمة. نحبه لأنه يذكرنا بأننا، رغم كل جراحنا وتحدياتنا، ما زلنا قادرين على الحلم والبناء والأمل.
هو النور الذي يضيء في ظلام اليأس، واللحن الذي يستمر في صمت الخيبة، والقصيدة التي لا تنتهي في زمن النثر. هو الدليل الحي على أن الأمل ليس وهماً، بل هو قوة تبني الأمم وتصنع المصائر.
الحسين بن عبدالله ليس مشروع ملك فحسب، بل مشروع أمل. هو مرآة لجيل يبحث عن معنى القيادة في زمن يفيض بالقادة ويفتقر للقدوة. نحبه لأننا نرى في ملامحه وطناً ممكناً، ونقرأ في صمته درساً في كيف يمكن أن تكون العظمة هادئة، والهيبة إنسانية.
السر الخطير في حبنا له ليس سرا مقفلا، بل هو نور يشع من كل تصرف من تصرفاته: من شجاعته التي لا تتزعزع، وذكائه العاطفي الذي يلمس جروح الناس فيداويها، ورؤيته التي تتخطى الحاضر الى مستقبل نريد، ووفائه لجذوره، وايمانه الثابت بشباب وطنه.

احب الأمير الحسين لأن في حبه حب للأردن الذي نحمله في قلوبنا: أردن الأصالة والكرامة، أردن الحاضر الواثق والمستقبل المشرق.
حفظ الله الأردن بقيادته الهاشمية، وحفظ ولي عهده الأمير الحسين بن عبدالله، رمز الحلم الأردني المتجدد، وواحة التوازن العربي في زمن اللا توازن.

 

مواضيع قد تعجبك