خبرني - في قلب الصحراء يمتد شريان نابض لا يعرف السكون، طريقٌ طويلٌ لا ينام، يشهد مرور القوافل والشاحنات والمسافرين على مدار الساعة، يربط العاصمة بثغر الأردن الباسم، ويفتح للبلاد نافذتها الاقتصادية نحو البحر. إنه الخط الصحراوي، أحد أهم الطرق الحيوية في المملكة، وأكثرها اكتظاظًا وعبورًا، ومع ذلك، ما يزال يفتقر إلى أبسط مقومات السلامة: النور.
من غير المقبول أن يبقى طريق بهذه الأهمية غارقًا في العتمة، في بلد تشع شمسه طوال العام وتُعتبر الطاقة الشمسية فيه هبة ربانية لا تنضب. لم يعد مقبولًا التذرع بكلفة التشغيل ولا بوعود الصيانة ولا بتقلبات الميزانيات. نحن نتحدث عن تقنية أصبحت بمتناول اليد، وطاقة لا تحتاج إلى فواتير، وإنارة يمكن تنفيذها خلال أسابيع، لا سنوات.
الحديث عن إنارة هذا الطريق لا يصح أن يُوضع في خانة الرفاهية أو التجميل الحضري. الأمر أبعد من ذلك. هو ضرورة إنسانية ومرورية عاجلة. كم من الأرواح أُزهقت في ظلامه؟ كم من العائلات فجعت؟ كم من الشاحنات انقلبت؟ إن ضعف الرؤية في هذا الطريق يشكّل خطرًا داهمًا على كل من يمر به، وليس هناك ما يبرر تأخير معالجته.
ما يُؤلم أكثر أن هذا الإهمال مستمر، وكأن الطريق لا يعني أحدًا، أو كأن الأرواح التي تُفقد عليه لا تستحق أن تُحصى. نملك الشمس، ونملك التقنية، ونملك الحاجة الملحة، لكننا نفتقر إلى القرار. وهل يُعقل أن تبقى حياة المواطنين معلّقة إلى أن تنضج إرادة حكومية غائبة، أو تُستكمل أوراق مشروع نام في الأدراج؟
الخط الصحراوي لا يطلب المستحيل. لا يطلب مدنًا ذكية على جانبيه، ولا جسورًا معلّقة. يطلب فقط أن يُضاء، أن يرى السائق وجه الطريق، أن يشعر المسافر بالأمان، أن لا يُفاجأ العابرون بظلمة تهلكهم. يطلب أن نكون على قدر المسؤولية، وأن نرتقي إلى أبسط معايير الصيانة والاهتمام.
الطاقة الشمسية ليست حلمًا بعيدًا، بل مشروع يمكن تنفيذه خلال أشهر قليلة، دون عبء مالي دائم على الخزينة، ودون تعقيدات لوجستية. هي حل عملي وسهل، لكن يبدو أن الضوء ما زال بعيدًا لأن العتمة في بعض القرارات أكبر من العتمة على الطريق.
الخط الصحراوي ينتظر النور... ولكن من الواضح أنه، قبل النور، ينتظر صحوة في الضمير..




