*
الثلاثاء: 23 ديسمبر 2025
  • 10 أيلول 2025
  • 15:57
معركة الأرك نصر ملهم
الكاتب: محمد مرقة

خبرني - حدثت معركة الأرك المجيدة في 9 شعبان سنة 591هــ أي بعد النصر العظيم في معركة حطين بقيادة السلطان الناصر صلاح الدين رحمه الله بنحو سبع سنين، وسميت بالأرك نسبة إلى حصن الأرك الذي دارت المعركة عنده. كان جيش الفرنجة مكونًا من جيوش كلٍ من مملكة ليون، ونافار، وقشتالة، ومساهمة من قبل ألمانيا، وهولندا وانجلترا. وكان عددهم مجتمعين ما بين 150-225 ألف مقاتل على اختلاف الروايات والمصادر، مع الكثير من جماعات اليهود،  التي كانت متواجدة في الجيش الصليبي، لشراء أسرى المسلمين بعد النصر من الفرنجة وبيعهم كعبيد في أوروبا، وكان عدد المسلمين ما بين 50-200 ألف مقاتل، من بربر وأندلسيين ومغاربة .
خطط السلطان أبو يعقوب المنصور الموحدي قائد المسلمين العام بشكل جيد مستقى من التاريخ للمعركة، حيث وضع خطة مشابهة للخطة التي وضعها يوسف بن تاشفين رحمه الله في معركة الزلاقة عام 479هــ، والتي مُني فيها الفرنجة بهزيمة ساحقة، أبيد فيها جيشهم المكون من ستين ألفًا، ولم ينجو منهم إلّا ستمائة فارس يحملون معهم قائدهم ألفونسو السادس برجل واحدة، فقسم الجيش لقسمين:قسم في المقدمة، وقسم خلف التلال، وكان هو على رأس الجيش المتخفي وراء التلال يرقب ويوجّه، وولّى قيادة الأندلسيين القائد الأندلسي الشجاع أبا عبد الله بن صناديد، وقسّم المقدمة إلى قسمين، فجعل القسم الأول مكونًا من الجيش النظامي الموحدي والأندلسيين، والقسم الآخر من المتطوعين، لكي يتلقى الجيش النظامي الصدمة الأولى من الهجوم ويتمكنوا من صده، ولم يجعل المتطوعين في المقدمة لأنهم عادة لا يملكون كثير خبرة في القتال، فيُخشى تقهقرهم. وقبل بدء المعركة تعانق المسلمون وتغافروا، وتجهزوا للشهادة في سبيل الله.
 كان الفرنجة في أعلى تل والمسلمون في الأسفل، فهجم الفرنجة كالسيل العارم وثبت المسلمون ثباتًا شديدًا، لكن بعد حين، حدث تراجع في الصف، فنزل المنصور بنفسه ليشجع المسلمين ثم عاد إلى مكانه، فرد المسلمون الفرنجة، ثم حدث هجوم آخر من الصليبين وثبات جديد للمسلمين، ثم هجم الفرنجة هجومهم الثالث، فكان شرسًا جدًا، تمركز في قلب جيش المسلمين، وقُتل من المسلمين خلقٌ كثير، وقُتل أبو يحيى بن أبي حفص أحد القادة، وظن الفرنجة أن المعركة قد حسمت لصالحهم، فنزل ألفونسو الثامن بنفسه يحيطه 10 آلاف فارس، فانقضت ميمنة الجيش الإسلامي عليهم فأحاطوا بهم، واشتد القتال وبدأ الفرنجة يتراجعون، عندها أمر المنصور الجيش الثاني المستريح خلف التلال بالهجوم، فحملوا حملة عنيفة، كسرت جيش الفرنجة كسرة منكرة، فكان يومًا كالزلاقة بل أكبر.
وتذكر المصادر أن قتلى الفرنجة تجاوز عددهم 146ألف قتيل كما ذكر المقري في نفح الطيب وابن خلكان في وفيات الأعيان، وغنم المسلمون غنائم لا تعد كثرة، حتى وصل عدد الخيول المغنومة الى 80 ألف حصان، فوزع المنصورالغنائم على المسلمين، وأنشأ مسجدًا في اشبيلية تخليدًا لذكرى معركة الأرك.
وكان من آثار هذه المعركة أيضًا، النصر المعنوي الكبير للمسلمين في المغرب والأندلس، وارتفاع معنويات المسلمين في شتى البقاع. إضافة إلى صراعات وخلافات كبيرة حدث كنتيجة للهزيمة بين مملكتي ليون ونافار من جهة وقشتالة من جهة أخرى، وأخيرًا هدنة وقع عليها القشتاليون مرغمين مدتها عشر سنوات، يرتب فيها المسلمون أوضاعهم في المغرب وجنوب الأندلس.
 

مواضيع قد تعجبك