*
الاثنين: 08 ديسمبر 2025
  • 30 أغسطس 2025
  • 08:23
الكاتب: د. أحلام ناصر

خبرني - مع بداية العام الدراسي، تمتلئ الأسواق بالآباء والأمهات يشترون الحقائب والأقلام والملابس الجديدة لأبنائهم، مشهد يبعث على الفرح والفخر، لكن في زاوية أخرى من المشهد، هناك أطفال لا يملكون هذه الفرحة، ليس لأن المدرسة لم تبدأ عندهم، بل لأنهم أبناء لأم وأب منفصلين.
إلى كل أب منفصل عن أطفاله، هل تذكّرت أولادك هذا العام؟ هل سألت عن حاجاتهم كما يفعل باقي الاباء مع أبنائهم؟ هل اشتريت لهم حقيبة أو لباسًا جديدًا يدخل السرور إلى قلوبهم؟ أم تركتهم ساحة صراع بينك وبين أمهم، يذهبون للمدرسة بجيب فارغ ولباس قديم، يحملون ذكرى موجعة بدلًا من فرحة البداية؟
كثير من الآباء يظنون أن الطلاق يخفف من مسؤولياتهم، فيتوارون خلف كلمة "نفقة" أو يبررون غيابهم بالخلافات أو ضيق الحال، لكن الحقيقة أن الأبوة والأمومة لا تسقط بتوقيع ورقة، فالطفل لا يفهم معنى النفقة ولا يعي تفاصيل الأحكام القضائية، كل ما يعرفه أنه عاد الى المدرسة ورأى زملاءه بملابس جديدة وحقائب لامعة، بينما هو عاد بجيب فارغ وقلب حزين وشعورٍ بالنقص.
الأم قد تجتهد وتتحمل العبء، لكنها ليست بديلة عن دور الأب، والطفل يحتاج أن يرى أن والده يهتم به، يفرح لفرحه، ويسنده في خطواته. وفي المقابل، على الأم أيضًا ألّا تجعل الطفل وسيلة ضغط أو انتقام، فالمعركة بين الكبار لا يجوز أن تُدفع فاتورتها من قلوب الصغار.
القضية ليست في ثمن حقيبة أو قلم، بل في رسالة تصل للطفل، "أنا موجود، أنا أحبك مهما كانت الظروف، ولن أتخلى عنك."
أيها الآباء المنفصلون، تذكّروا دائمًا أن الطلاق أنهى علاقة زوجية، لكنه لم يُنهِ أبدًا علاقة أبوّة أو أمومة. لا تجعلوا خلافاتكم جدارًا يفصل بينكم وبين أبنائكم، ولا تسمحوا للغضب أو العناد أن يتحوّل إلى سلاح يجرح قلوبهم الصغيرة، فالأطفال لا يملكون رفاهية اختيار والديهم، لكنهم يملكون الحق الكامل في أن يعيشوا طفولة آمنة، كريمة، مليئة بالحب والدعم.
المدرسة ليست مجرد صفوف وكتب وامتحانات، بل فضاء تتشكل فيه شخصية الطفل وثقته بنفسه وإحساسه بالانتماء، حين يقف ابنك إلى جانب زملائه بزيّ نظيف وحقيبة جديدة، يشعر أنه مثلهم، أن له مكانًا بينهم، وحين يُترك وحيدًا بملابس قديمة وجيب فارغ، فإن ما يخسره ليس شيئًا ماديًا فقط، بل يخسر رسالة معنوية تقول له "أنت مهمًا."
فلا تحرموا أبناءكم من أبسط حقوقهم، ولا تتركوهم يدفعون ثمن نزاعاتكم، أنتم لم تطلقوا أولادكم، ولن يسقط حقهم يومًا في أب أو أمّ يحميهم ويحتويهم، أنتم سندهم الأول والأخير، فكونوا على قدر هذه المسؤولية… قبل أن يكبروا وهم يحملون في قلوبهم فراغًا لن يملأه أحد.

مواضيع قد تعجبك