يعتبر تمكين المرأة ومشاركتها الفاعلة في محتلف مجالات العمل من أهم محركات التنمية الشاملة، حيث يعد الاستثمار في طاقات وإمكانات المرأة من أهم روافد تنمية المجتمعات وهذا يتطلب اتاحة الفرصة للنساء لتطوير معارفهن وصقل مهاراتهن لتوسيع نطاق خياراتهن من أجل إحداث التغيير المرغوب من أجل شراكة أفضل للنساء.
أدت المرأة الأردنية دورًا محورياً وساهمت جنب إلى جنب مع الرجل في تحقيق الإنجازات الوطنية، إلا إن هذه الإنجازات لا زالت تواجه العديد من التحديات على المستوى الثقافي والمجتمعيّ، وأسهمت المرأة في تحقيق التغيير النوعي في علاقات القوى والأدوار الاجتماعية والصور النمطية على المستوى الأسريّ والمجتمعيّ ، حيث تؤثر هذه الممارسات على قدرة النساء في اتخاذ القرارات و المشاركة التنموية ؛ نتيجة لافتقارهن للمهارات الشخصية الذاتية والمعرفية والوصول إلى الفرص والموارد، فالتمكين الذاتي يساهم في تعزيز ثقة النساء بأنفسهن والعمل على تغيير الأنماط الثقافية السلبية التي تحول دون تمتعهن بالحقوق والوصول إلى العدالة .
ويحظى التدريب بأهمية بالغة كمصدر مهم في إحداث تغيير في المعرفة والمهارات لدى النساء، بهدف تمكينها من استغلال إمكاناتها وطاقاتها ومساعدتها للاستفادة من الفرص المتاحة والمشاركة ،ويسهم التدريب في تحقيق أهداف أساسية أهمها :رفع مستوى الوعي والأداء عن طريق اكتساب القدرة على الإنجاز والمشاركة بما يمكنها من التكيف مع الإمكانات والفرص المتاحة، وفي نفس الوقت تنمية الاتجاهات نحو تقدير المرأة لنفسها وممارسة أدوارها على مختلف الأصعدة ، ويتضح من خلال ذلك أن التدريب هو وسيلة تساهم في تمكين المرأة ويمكن توضيحها من خلال تصنيفها إلى ثلاث مراحل رئيسية وهي:
زيادة المعرفة ، اكتساب المهارات ،والإنجاز ، نلاحظ من خلال ذلك أن هناك علاقة وثيقة ما بين التدريب والتمكين؛ ذلك أن الأهداف التي يسعى إليها التدريب هي الأساس التي ترتكز عليه عملية التمكين من خلال اكتساب المرأة إدراك جديد بإمكانياتها وإحساس متجدد بقدراتها .
وتكمن أهمية التدريب لتمكين المرأة من خلال الاعتماد على أُسُس معرفية خاصة في المرأة ووعيها الذاتيّ لقدراتها وأدوارها الشخصية والسلوكية التي تشكل القاعدة الأساسية للتمكين ؛لأن التمكين الذاتي هو أساس رئيسيّ لكافة مجالات التمكين الأخرى ،ويساعد النساء على استخدام القوى في ذاتهن لإحداث التغيير الإيجابيّ ضمن المحيط الأسريّ والمجتمعيّ، ومن ثم تحديد المسارات اللاحقة للقيام بأدوار اقتصادية، اجتماعية ،بيئية، سياحية،وسياسية، وإدارية، ومهنية وتقنية وتكنولوجية وهنّ واعيات لحقوقهن وقدراتهن الذاتية ، فالمشاركة والتمكين هما وجهان لعملة واحدة ، فالمشاركة لا تستهدف فقط المجتمع بل تستهدف تنمية الذات وتطوير القدرات .
ونلاحظ على الصعيد الوطني زخم الورشات التدريبية والتي تدعو إلى تحسن مكانة المرأة وتفعيل أدوارها ،ولكن المتأمل في الواقع يدرك محدودية نتائج الجهود ؛نتيجة القيم الثقافية والاجتماعية التي تعيق من عملية ادماج النساء في بعض المناطق من الوصول إلى إمكانية المشاركة في دورات تدريبية متخصصة في التمكين الذاتي والتي من شانها أن تساند النساء من إحداث التغيير في التوجهات الخاصة بالقيم الثقافية ضمن المحيط الأسريّ والمجتمعيّ؛ وذلك لأن التمكين الذاتي هو الأساس لجميع أنواع التمكين، وعندما يتعلق الأمر بالعائلة فأن التمكين الذاتي يفترض القدرة على المشاركة في الحوار والتفاوض والتأثير على طبيعة العلاقات و والاستفادة من الموارد واتخاذ القرارات
إن التمكين الذاتي للنساء يسهم في تعزيز الاعتماد المتبادل على المستوى العائلي، وتحمل المسؤولية ،والمشاركة في كسب الأموال وإنفاقها ، فالتمكين الذاتي هو توسيع قدرات النساء لاتخاذ اختيارات في حياتهن كُنّ سابقًا محرومات من مثل هذه القدرات ،فهي عملية مستمرة ذات أبعاد ومكونات مختلفة .
لاشك أن التمكين الذاتي للنساء يساهم في إحداث تغييرات على المستوى الشخصيّ، بما يعزز إمكاناتهم الذاتية مثل: الثقة بالنفس ،القدرة على المبادرة نحو التغيير ،حل المشكلات ،تحمل المسؤوليات، بالإضافة إلى امتلاكهن مهارة الحوار والإقناع وكسب التأييد لإثبات ذاتها وقدرتها ضمن محيطها الأسريّ، و يساعدها ذلك للقيام بأدوارها الاقتصادية والاجتماعية وسياسية ؛ لأن هذه الأدوار تعتمد على مخزون معرفي وسلوكي تؤهلها لذلك.
وهذا ما تفسره نظرية التعلم الاجتماعي من خلال تركيزها على السلوك الاجتماعي المتعلم من خلال عملية التفاعل بين الفرد والبيئة وقدرة المرأة من خلال ذلك التعديل الذاتي المستمر وتأثير ذلك على المحيط الأسريّ والمجتمعيّ عبر التأثيرات التي تدعم التغيير الإيجابي في البنيوية الثقافية اتجاه المرأة وحقوقها وحصولها على تعزيزات مختلفة مثل: تقدير الآخرين ،مؤازرة المحيط الأسريّ، زيادة الثقة بالنفس، وخلق روح المبادرة لديها للتعديل والتطوير المستمر لقدراتها، مما يشعرها بالرضا عن نفسها من خلال ردود أفعال الآخرين أثناء مشاركتهم لها ،و يعزز قدرتها بشكل مستمر نحو التغيير ومواصلة اكتساب المعرفة للقيام بادوار اقتصادية، اجتماعية، أو سياسية .
وهذا ما توضحه نظرية التعلم الاجتماعي من خلال مفهوم الأهداف والتوقعات ،ذلك لأن الأهداف تثير دافعية الأفراد لبذل المزيد من الجهود والمثابرة لتحسين الأداء، وترتبط الأهداف بالسلوك الذي يجب أدائه للحصول على النتائج، وهذا يشير إلى أهمية التمكين الذاتي نتيجة التأثير الإيجابي على الآخرين وتعزيز مكانة المرأة ودورها ضمن المحيط الأسريّ والمجتمعيّ .




