*
الاحد: 07 ديسمبر 2025
  • 10 أغسطس 2025
  • 14:25
فقاعات التناحر الإلكتروني وتأثيرها على القضايا الوطنية الحساسة نظرة على الواقع الأردني المعاصر
الكاتب: د. فاطمة العقاربة

خبرني - تشكل البنية الاجتماعية والسياسية لأي مجتمع حجر الأساس لاستقراره ونجاحه في تحقيق طموحاته الوطنية، لا سيما عندما تتعلق تلك الطموحات بقضايا مصيرية مثل القدس والضفة الغربية وحق العودة وقضية اللاجئين، التي تمثل قضية إنسانية وطنية ملحة لا تحتمل التأجيل.

في الأردن، تبدو ظاهرة( التناحر الإلكتروني ) تلك الفقاعات التي تخرج من مشهد سياسي يغلي في تابوهات السياسة الداخلية  جدارًا يعطل بناء خطاب وطني موحد، ويعكر صفو الجهود الرامية إلى الحفاظ على ثوابت الوطن وأمنه القومي. هذا التنافر الإلكتروني ينعكس بشكل مباشر على الملفات الوطنية الحساسة، حيث يفقد الخطاب الوطني تماسكه، ولا يمكنه تشكيل درع واقية تحمي الموقف الوطني من التداعيات والضغوطات الخارجية.

في السنوات الأخيرة، واجه الأردن تحديات اقتصادية واجتماعية متعاظمة في ظل أجواء إقليمية معقدة، مع تصاعد الضغوط الدولية على ملفات القدس والضفة وحق العودة. هذه الظروف عمّقت الفجوات بين مختلف شرائح المجتمع، وزادت من حالة الاستقطاب، ومهاجمة طرح التمسك بالهوية الاردنية التاريخية وحالة المغازلة النخبوية لقوى سياسية لديها رؤية خارج اطار الهوية الاردنية مما أدى إلى إضعاف أداء المؤسسات الرسمية، وتعطيل حركة التنمية التي لا بد منها لاستدامة الوطن.

مواقف الأردن الحاسمة والموحدة

مع ذلك، حافظ الأردن على موقفه الثابت والواضح في القضايا الوطنية الكبرى. ففي قمة الجامعة العربية التي عقدت في مارس 2025، شدد جلالة الملك عبد الله الثاني على أهمية الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني للقدس، مؤكدًا أن الأردن سيظل الحارس الشرعي للمقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة. كما دعا إلى تكثيف الجهود العربية والدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني وضرورة التمسك بحل الدولتين كأساس للسلام الدائم.

وفي تحركات أخرى خلال العام الماضي، رفض الأردن أي محاولات لتقويض حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم، معبراً عن قلقه من محاولات تقويض هذه القضية عبر تغييرات ديموغرافية وسياسية في المنطقة.

على الصعيد الداخلي، كررت القيادة الأردنية دعوتها إلى تعزيز الحوار  ونبذ التعصب، ومناهضة خطاب التخوين والتنافر الذي يُضعف النسيج الاجتماعي ويعطل التنمية. في تصريحات سابقة، أكد رئيس الوزراء في أكثر من مناسبة على ضرورة توحيد الجهود الحكومية والشعبية لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، والدفع نحو التنمية المستدامة التي تضمن للأردنيين حياة كريمة.

لا يمكن التغاضي عن أن فقاعات التناحر الإلكتروني داخل البنية الاجتماعية الأردنية تُعد أحد أبرز التحديات التي تعيق الحوار وتعطل مسيرة التنمية والتقدم الوطني، خاصة عندما تتعلق القضايا المعنية بجوهر الهوية الوطنية وحق الشعب الفلسطين في اقامة دولته وحق العودة للاجئين .

الحل يكمن في بناء خطاب وطني يعبر عن جوهر الهوية الوطنية التاريخية  يكون درعًا حقيقية تحمي الوطن من كل أشكال العبث، وتعمل على توحيد الجهود  نحو تحقيق استقرار تنموي يضمن مستقبلًا أفضل للأردن وشعبه.

يبقى السؤال الكبير: هل سنتمكن من تجاوز هذه الفقاعات، وتوحيد القوى لصالح الوطن، قبل أن تستنزفنا المناكفات المستمرة ؟

مواضيع قد تعجبك