*
السبت: 06 ديسمبر 2025
  • 09 أغسطس 2025
  • 15:52
الكاتب: د.أحلام ناصر

خبرني - أعلنت وزارة التربية والتعليم، الخميس الماضي، نتائج الثانوية العامة وأسماء الأوائل في جميع الفروع. وكعرس وطني، ضجت البيوت بالزغاريد وتوزيع الحلويات، واشتعلت مواقع التواصل بالتبريكات. لكن ما بين الأرقام والأسماء، هناك قصة أعمق تستحق أن تُروى. 
أوائل التوجيهي هذا العام، كما في كل عام، جاؤوا من كل مكان، من الزرقاء وجرش والأغوار وإربد وعمان، من الشمال والوسط والجنوب، من مدارس حكومية وخاصة، ومن أسر ميسورة وأخرى متواضعة. هذا التنوع يبعث برسالة قوية، التفوق لا يُشترى بأقساط باهظة أو دروس خصوصية مكلفة، بل يُبنى بالجدية والانضباط والدعم النفسي السليم.
قائمة النخبة جمعت طلبة من مدارس التميز الحكومية ومدارس ثانوية شاملة من مختلف مناطق المملكة، إلى جانب طلبة من أغلى المدارس الخاصة. ما جمعهم لم يكن نوع المدرسة أو الرسوم المدرسية الباهظة، بل الإصرار والاجتهاد، والقدرة على إدارة الوقت، وتحويل الضغط الأكاديمي والمجتمعي إلى دافع للتفوق لا إلى حجة للتوتر والانهيار.
فالنجاح في التوجيهي ليس وليد سنة واحدة أو ليلة من السهر، ولا سباق الـ 100 متر في يوم الامتحان، بل هو حصيلة رحلة عمر دراسي امتدت 12 عامًا، تراكمت خلالها المعرفة، وتكونت فيها العادات الدراسية، ونمت مهارات الانضباط وإدارة الوقت. الطالب الذي اعتاد التركيز والمثابرة منذ المراحل الأولى، كان الأقدر على اجتياز هذه المحطة بثبات، والخروج منها بنضج يساعده في مساره الأكاديمي والمهني.
في بيوت هؤلاء الأوائل، كان النجاح مشروعًا طويل الأمد بدأ منذ الصفوف الأولى؛ أسر وفرت بيئة هادئة، ومساحة للتعبير، ودعمًا نفسيًا يحفز دون أن يرهق، وتشجيعًا يرفع المعنويات بدلًا من مقارنتهم بالآخرين، أو تحميلهم توقعات تفوق طاقتهم.
هذه النتائج تحمل رسالة واضحة للأهالي والمجتمع، الاستثمار الأهم ليس في حجم الاموال التي تدفعونها، بل في تنمية الانضباط، ومهارات تنظيم الوقت، وتحفيز التعلم المستمر. فالتفوق ليس نتيجة أموال، بل ثمرة سنوات من الجد والمثابرة.
إنها أيضًا رسالة عن التفرد في التعليم؛ فلكل طالب طريقته الخاصة في التعلم وتحقيق أهدافه، لكن نجاح الرحلة يعتمد على مزيج من الانضباط، والدعم الأسري، والمجتمع المحيط، مع الحفاظ على التوازن النفسي بعيدًا عن الضغوط السلبية.
نتائج هذا العام تقولها بوضوح، الأحلام الكبيرة لا تحتاج محفظة ممتلئة، بل عقل منظم، وقلب مطمئن، وبيئة تحتضن الحلم حتى يتحقق.

مواضيع قد تعجبك