*
الاحد: 07 ديسمبر 2025
  • 09 أغسطس 2025
  • 14:41
الكاتب: المحامية ضحى الزطيمه

خبرني - أيُّ عدالةٍ هذه التي نعيشها اليوم؟!
حكمٌ قضائي معلَّق في الهواء،، لا تطاله يد التنفيذ. فما قيمة حكمٍ يظل أسير الأوراق؟ وما جدوى حقٍّ يُحرَم صاحبه من ثماره؟ أيُّ تشريعٍ هذا الذي يكسو المدينَ درعًا من الحماية المطلقة، بينما يقيد الدائن بأغلال العجز، فيقف على أطلال حقه دون نصير ولا رادع؟
لقد أُلبست هذه التعديلات ثوب "حماية حقوق الإنسان"، لكن تحت هذا الثوب يختبئ واقعٌ أشد قسوة، عنوانه: ضياع الحقوق وتآكل الثقة بأدوات العدالة.
الدائن ليس أمامه إلا طريقان: إمّا أن ينتظر سنوات حتى ييأس، أو أن يكتب على جدار مكتبه: "هنا يرقد حقي، الذي قتله القانون". هذه ليست مبالغة؛ بل هي ما تثبته الوقائع: نسب التحصيل انخفضت بشكل ملحوظ، والملفات التنفيذية المتعثرة تراكمت، والثقة في فعالية القضاء بدأت تتآكل.
إنَّ حماية المدين المتعسّر أمرٌ عادل، لكن حماية المدين المتهرّب جريمةٌ تشريعية مكتملة الأركان. فمن المسؤول عن ترك أموال الدائنين معلَّقة في الهواء؟ ومن يبرر أن يصبح القانون شريكًا في هدر الحقوق؟
لقد آن الأوان لإعادة الميزان إلى اعتداله، عبر إصلاحٍ تشريعي جريء، يعيد للدائن مكانته، ويحفظ للمدين حقوقه، دون أن يكون ذلك ستارًا للإفلات من الالتزام. نحن بحاجة إلى وقفةٍ حقيقية: لا مجاملات، لا تبريرات، ولا لجان شكلية. نحن بحاجة إلى:
كشف المتهربين وتعريتهم أمام القانون والمجتمع.
حجز الأموال بلا عراقيل بيروقراطية.
إنشاء قاعدة بيانات وطنية موحّدة للمدينين، مرتبطة بالبنوك ودائرة الأراضي وشركات التمويل، لفضح الذمم وكشف المستور وتسريع الإجراءات.
نقابة محامين تتحرك كجبهة ضغط، لا كمتفرج صامت.
القانون لم يُخلق ليكون شاهدَ زور، ولم يُكتب ليُعلَّق على جدران المحاكم، بل ليُنفَّذ. وأيُّ قانونٍ يعجز عن حماية الحقوق، هو قانون يحتاج إلى تعديل عاجل… قبل أن نصل إلى مرحلة يختفي فيها الإيمان بالعدالة من قلوب الناس.
ويبقى السؤال الذي يطرق أبواب العدالة:
هل كُتب على القانون أن يتحوّل من سيفٍ ينصر المظلوم، إلى غمدٍ يحجب الحق؟
وهل هذه التعديلات إصلاحٌ منشود، أم إخلالٌ بميزان العدالة بين الدائن والمدين؟

مواضيع قد تعجبك