*
الاثنين: 15 ديسمبر 2025
  • 17 تموز 2025
  • 14:29
٩؜ من اموال الضمان في حالة سبات
الكاتب: يزيد ابو سماقة

خبرني - بعد دراسة المحافظ الاستثمارية لصندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي، لم يكن ممكنًا أن أتجاهل حقيقة أن محفظتَي العقارات والقروض، اللتين تمثلان نحو 9% من إجمالي الأصول، ما يعادل تقريبًا حوالي 1.47 مليار دينار، ما زالتا تُشكّلان عبئًا على الأداء العام. هذه الأصول تدر عوائد ضعيفة جدًا، لا تتناسب مع حجم المسؤولية الملقاة، ولا تعكس الحاجة إلى نمو مستدام وسيولة معقولة.

 

القروض الممنوحة، في الغالب، للحكومة أو لكيانات مرتبطة بها، والعقارات التي تعاني من ركود محلي وضعف في التحرك، لا تتيح الاستفادة الحقيقية من رأس المال. هذا الواقع يفرض التفكير بشكل عملي في إعادة هيكلة هذه المحافظ، عبر استبدال تدريجي بنسبة 1.5% سنويًا من هذه الأصول، أي نحو 250 مليون دينار سنويًا، بمحفظة أكثر ديناميكية تستثمر في الذهب والأسواق الأمريكية، التي أثبتت تاريخيًا عوائد سنوية تتراوح بين 8% و10%، مقارنة بـ3% إلى 5% في الوضع الحالي.

 

أنا لا أتحدث عن تغيير جذري في غضون أشهر أو حتى سنة، بل عن خيار استراتيجي طويل الأمد. العوائد المحسّنة لن تظهر مباشرة، بل ستتراكم تدريجيًا خلال السنوات القادمة، مدفوعة بنمو طبيعي وتراكمي في أداء هذه الأدوات. وبناءً على المعطيات الواقعية، من المتوقع أن يرتفع العائد السنوي من حوالي 59 مليون دينار إلى ما يقارب 150 مليونًا، بفارق سنوي يتجاوز 90 مليون دينار، بمجرد استكمال التحول بعد عدة سنوات.

 

أما الخوف من المخاطرة بالاستثمار في أسواق عالية التذبذب، فباعتقادي غير دقيق إذا وُضع في سياقه الكامل. المؤسسة تحتفظ اليوم بأكثر من 57% من أصولها في السندات الحكومية، التي تُعد من بين الأدوات الأقل مخاطرة. وبالتالي، فإن تحريك نسبة صغيرة نحو أدوات ذات طبيعة مختلفة لا يُشكّل تهديدًا للتوازن العام، بل يعزّزه. التنويع ليس رفاهية، بل ركيزة أساسية لأي محفظة استثمارية، وضرورة للحفاظ على القيمة الحقيقية للأموال في مواجهة التضخم وتغيّرات السوق.

 

المسألة لا تتعلق بالمغامرة أو المجازفة، بل بإعادة توزيع عقلانية نحو أدوات أثبتت فاعليتها في بناء العائد، دون المساس بجوهر الاستقرار المالي. الضمان الاجتماعي ليس أداة للركود، بل يجب أن يكون أداة ذكية لإدارة أموال الناس بمسؤولية ووعي وجرأة محسوبة.

 

 

مواضيع قد تعجبك