خبرني - شُغلت أروقة المحاكم والشارع القانوني في الفترة الماضية بجدل واسع حول تعديل قانون التنفيذ، الذي دخل حيّز التنفيذ في الخامس والعشرين من الشهر الماضي. وقد ظهرت بوادر أثره على السوق المحلي، محدثًا علامات وشيكة على تغيّر حال الالتزامات المالية، خاصة العقود التي أُبرمت أو ستُبرم في الأيام القادمة.
وبات السؤال اليوم مطروحًا:
هل سيصبح استيفاء الحق بالذات هو الوسيلة القادمة لتحصيل الديون؟
لقد كان قانون التنفيذ – رغم التعديلات التي أرهقته مؤخرًا – ملاذًا آمنًا للدائنين، بل ووسيلة ضغط مشروعة على المدينين لتحصيل ديونهم، وعلى رأسهم التجار، الذين كانوا يحولوا الأحكام القضائية إلى نتائج واقعية تحفظ حقوقهم.
وفي حين قُصرت المادة (22) بعد التعديل على حالات محدودة في حبس المدين، فقد أحدث ذلك خللًا واضحًا في منظومة الضمانات التي يقوم عليها البيع والشراء، في الاسوق التجارية، والتي تعتمد أساسًا على الثقة، والبيع الآجل، والمعاملات المستمرة بين التجار وأصحاب المحلات.
وبغياب أدوات الضغط القانونية، بات الدائن عاجزًا عن تحصيل حقوقه أو حتى مجرد الضغط على المدين. وهذا يُنذر بمخاطر كبيرة على التبادل التجاري، وقد يُفضي إلى التوقف عن منح التسهيلات الائتمانية أو البيع بالدين.
نحن في انتقادنا لهذا التعديل لا ندعو إلى سَجن الفقراء أو العاجزين عن السداد، ولكننا ندعو إلى وجود بدائل حقيقية وقانونية تضمن حقوق الدائنين، وتحافظ على ديمومة العلاقات التجارية، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة فهذا التعديل قد يخدم بعض سيئين النية وتحويل الدائنين الى فريسه سهله المنال ومن يستغلهم امنين العقوبة.
ومن أبرز الحلول الممكنة:
- منح قاضي التنفيذ سلطة تقديرية للحكم بالحبس في القضايا التي يثبت فيها سوء النية.
-أو استخدام ضمانات مدنية صارمة دون المساس بإنسانية التنفيذ
وفي الختام، وإن كان هذا التعديل يحمل في طياته نوايا إنسانية تستحق التقدير، إلا أنه قد يُشكل كارثة اقتصادية صامتة، ويُمهّد الطريق أمام استيفاء الحق بالذات، كوسيلة أقرب إلى الدائن لتحصيل حقه.
ونسأل الله أن يحمي وطننا، وألّا يُرينا فيه مكروهًا ما حينا.




