*
الاربعاء: 10 ديسمبر 2025
  • 23 حزيران 2025
  • 02:11
دورة حياة السوق العقاري
الكاتب: الدكتور غسان عذاربة

لطالما كان القطاع العقاري أحد أبرز المحركات الاقتصادية في العالم، لما يتمتع به من قدرة على توليد النشاط الاستثماري وتحفيز النمو في قطاعات أخرى كالبناء والتمويل. إلا أن هذا السوق لا يعمل بمعزل عن المتغيرات الاقتصادية والمالية الكبرى، بل يتفاعل بعمق مع مؤشرات الاقتصاد الكلي وأسواق المال العالمية

مفهوم دورة السوق العقاري

تشير دورة  حياة السوق العقاري إلى التحولات المرحلية في أداء السوق العقاري، والتي عادة ما تمر بأربع مراحل رئيسية:( التوسع ، الذروة، الانكماش، والركود). هذه الدورة تتأثر بعوامل مثل العرض والطلب، أسعار الفائدة، والمضاربات

تأثير الدورة الاقتصادية العالمية

يؤثر النمو أو الانكماش في الناتج المحلي الإجمالي العالمي على قدرة المستثمرين والأفراد على الإنفاق العقاري. فعلى سبيل المثال، يؤدي الركود العالمي إلى تراجع الطلب على العقارات، بينما يشجع الانتعاش الاقتصادي على التوسع في البناء والاستثمار العقاري .

دور البورصة في تشكيل السوق العقاري

تعمل البورصات كمؤشر لحالة الاقتصاد العامة. في حالات الصعود القوي في الأسواق المالية، يتحول المستثمرون عن العقار نحو الأسهم، أما في حالات الذعر والانكماش المالي، فيلجؤون إلى العقارات كأصول أكثر استقرارًا . وتُظهر المؤشرات مثل S&P CoreLogic Case-Shiller أن التغير في أسعار العقارات غالبًا ما يتزامن مع حركات السوق المالي.

السياسات النقدية وأسعار الفائدة

تشكل السياسة النقدية عاملاً حاسمًا في توجيه الدورة العقارية. فرفع أسعار الفائدة يثبط الاقتراض العقاري ويقلل من الطلب، بينما تحفيز الائتمان وخفض الفائدة يؤدي إلى ارتفاع الطلب السكني والتجاري  .

التوقعات المستقبلية

تشير التقارير إلى دخول العديد من أسواق العقار العالمية مرحلة تصحيحية خلال 2025–2026، مدفوعة بتباطؤ النمو العالمي وارتفاع تكاليف التمويل. ومع ذلك، تستمر بعض الأسواق الناشئة، خصوصًا في آسيا والشرق الأوسط، في النمو بفعل سياسات التحفيز والاستثمار في البنية التحتية.

 

متى تنتهي مرحلة الكساد العقاري؟

مرحلة الكساد العقاري (وتُسمى أحيانًا "الركود العقاري") هي المرحلة الرابعة والأخيرة من دورة السوق، وتتميز بـ:

  • تراجع في الطلب. انخفاض أو جمود في الأسعار. تقلص في عمليات البناء والتمويل. فقدان الثقة من قبل المستثمرين.

فالكساد العقاري يرتبط بالعوامل التالية:

  1. ارتفاع أسعار الفائدة :  يُثبط الاقتراض ويضعف الطلب.
  2. تراجع النشاط الاقتصادي العالمي :  يقلل من قدرة الأفراد والمستثمرين على الإنفاق العقاري.
  3. تحولات في سلوك المستثمرين بين العقار والأسهم.

في ظل الأوضاع العالمية الحالية:

  • الفائدة العالمية لا تزال مرتفعة (خصوصًا في الولايات المتحدة وأوروبا)
  • النمو الاقتصادي العالمي بطيء.
  • التضخم لم يُكبح كليًا في العديد من الاقتصادات.
  • الحروب والنزاعات الجيوسياسية تؤثر على الاستقرار.
  • التكاليف الإنشائية مرتفعة بسبب سلاسل الإمداد والطاقة.

كل هذه العوامل تُشير إلى أن العالم لا يزال في مرحلة الكساد العقاري أو قريب جدًا منها.

إذًا: متى ينتهي الكساد؟

  • تشير التوقعات إلى أن نهاية الكساد العقاري قد تبدأ تدريجيًا بين عامي 2026–2027 في حال:
      • بدء تخفيض أسعار الفائدة بشكل متواصل.
      • تحسن النمو العالمي.
      • عودة ثقة المستثمرين في القطاع.
      • تدخلات حكومية أو تحفيز مالي واضح.

لكن في بعض الأسواق الناشئة (مثل بعض دول الخليج أو الأردن أو مصر)، قد تُستثنى من الكساد العام:

  • بسبب خطط التحفيز الاقتصادي.
  • واستثمارات ضخمة في البنية التحتية والسياحة.

"مرحلة الكساد العقاري الحالية لن تنتهي سريعًا، بل قد تمتد حتى عام 2026 على الأقل، ما لم يحدث تدخل نقدي ومالي واسع النطاق عالميًا. ومع ذلك، الأسواق التي تمتلك خطط تحفيز داخلية قوية قد تخرج من الركود قبل غيرها."

 

مواضيع قد تعجبك