*
الخميس: 11 ديسمبر 2025
  • 18 حزيران 2025
  • 12:22
الطوفان الإيراني الإسرائيلي صراع النفوذ وكسر الأعناق  قراءة في تداعيات الحرب على الشرق الأوسط وأوروبا
الكاتب: المحامي الدكتور ربيع العمور

خبرني - ليست هذه حربًا جديدة، بل تفجّر مؤجّل لصراع ظلّ يتخمّر في عمق الجغرافيا السياسية للمنطقة. إيران وإسرائيل على طرفي نقيض منذ أربعين عامًا، لكن ما يجري في صيف 2025 هو التحول الأخطر: من حرب بالوكالة إلى مواجهة مباشرة تهدد بحرق الشرق الأوسط وزعزعة أوروبا، وتعريض النظام العالمي لموجة من الهزات الجيوسياسية والاقتصادية العنيفة.

فما الذي يحدث؟ ومن يدفع الثمن؟ وما مستقبل المنطقة والعالم إذا استمر هذا الطوفان؟


أولًا: الاقتصاد على فوهة بركان

1. حرب الطاقة والنفط: خنق العالم عبر مضيق هرمز

إيران تملك ورقة نادرة: مضيق هرمز، الذي يمر منه أكثر من 20% من نفط العالم. تهديد إيران بإغلاقه أو تفجيره، يرفع أسعار النفط إلى مستويات تهدد اقتصادات العالم المتقدمة.
في الأيام الأولى للصراع، قفز سعر البرميل إلى 120 دولارًا، والأنظار تتجه نحو 150 دولارًا أو أكثر.

أوروبا التي تحاول الانفكاك من الغاز الروسي، تدخل مجددًا في أزمة طاقة خانقة، بينما دول الخليج تتأرجح بين الأرباح النفطية والمخاطر الأمنية.

2. اضطراب سلاسل الإمداد العالمية

تهديد قناة السويس، والموانئ الإسرائيلية، واحتمال استهداف ممرات بحرية في البحر الأحمر وبحر العرب، يؤدي إلى شلل في التجارة الدولية، وارتفاع أسعار الشحن، وتأخر المواد الأساسية، خصوصًا في أوروبا.

ثانيًا: الشرق الأوسط أمام إعادة تفكيك شامل

1. سقوط الهياكل القديمة وصعود الفوضى

هذه الحرب لا تدمر الجيوش فقط، بل تُسقط مفاهيم "الحدود" و"الدول" و"التحالفات".
لبنان، سوريا، العراق، اليمن كلها مرشحة للتحول إلى ساحات مواجهة مباشرة أو بالوكالة.

الميليشيات الموالية لإيران تتحرك. حزب الله أقرب من أي وقت مضى لدخول الحرب. إسرائيل تلوّح باجتياح بري. وكل هذا يحدث في ظل صمت رسمي عربي، وخوف من انجرار غير محسوب.

2. بين تطبيع خائف ومقاومة ساخطة

دول الخليج تعيش حالة قلق: تريد حماية استقرارها، لكنها ترى إسرائيل تُشعل المنطقة دون حساب.

الشارع العربي يغلي، والشرخ يتعمّق بين الشعوب والأنظمة.

"اتفاقات أبراهام" تواجه أول اختبار حقيقي، وربما الأخير.

ثالثًا: أوروبا… في قلب الإعصار رغم بعدها

1. الأثر الاقتصادي: من أوكرانيا إلى طهران

لم تخرج أوروبا من جراح الحرب الأوكرانية بعد، حتى جاءت حرب إيران وإسرائيل لتضرب خاصرتها الاقتصادية من جديد:

أسعار الطاقة ترتفع.

الأسواق تهتز.

القطاع الصناعي الألماني والفرنسي يواجه اختناقات جديدة.

2. اللجوء والخوف الاجتماعي

أي انهيار في إيران أو سوريا أو لبنان، يعني موجات جديدة من اللاجئين نحو القارة الأوروبية، ما يُشعل اليمين المتطرف، ويُهدد تماسك الاتحاد الأوروبي داخليًا.

رابعًا: الأردن… عين على الحدود، وأخرى على الله

1. الجغرافيا الملتهبة والضغط السياسي

الأردن وسط بركان جغرافي: شماله سوريا، شرقه العراق، غربه فلسطين، وجنوبه الخليج.
أي توسّع للصراع سيضع الأردن في مواجهة مع:

تسلل ميليشيات أو خلايا نائمة.

ضغط شعبي لا يحتمل التطبيع أو الحياد المطلق.

استهداف محتمل من جماعات تسعى لتوريط المملكة.

2. الموقف الرسمي: حياد حذر وصمت محسوب

حتى الآن، الأردن يلتزم الحياد النشط:

تنسيق أمني مكثف خلف الكواليس.

إغلاق حدودي صارم.

دبلوماسية صامتة تُحاول تفادي الزج بالبلاد في أتون الحرب.


لكن استمرار الصراع يُضعف خيارات عمّان، ويجعلها أمام معادلة مستحيلة: إما الانجرار… أو الانفجار الداخلي.

  سيناريوهات المستقبل

 1. حرب شاملة ومفتوحة

تدخل مباشر لحزب الله.

استهداف منشآت النفط الخليجية.

تدخل أمريكي موسّع.

موجات لجوء، شلل اقتصادي عالمي، وتفكك إقليمي.

 2. مواجهة محدودة ومحكومة

ضربات متبادلة دون اجتياح.

تهدئة دولية بعد أسابيع من التصعيد.

بقاء الجمر تحت الرماد… واستمرار الاستنزاف.

 3. تفكك داخلي إيراني وإسرائيلي

انتفاضات داخل إيران.

انقسام داخلي إسرائيلي.

وقف إطلاق نار نتيجة ضغط شعبي ودولي.

من يُعيد رسم العالم؟

هذه ليست مجرد حرب، بل مرحلة انتقالية كبرى.
الشرق الأوسط يُعاد تشكيله بالنار والدم.
أوروبا تتلقّى الصفعة تلو الأخرى، والأردن يحاول النجاة من موجة الطوفان.

إنه صراع النفوذ وكسر الأعناق، لكنه أيضًا اختبار لما تبقى من عقل في هذا العالم.

فهل من مخرج... قبل الانفجار الأكبر؟

مواضيع قد تعجبك