خبرني - في مقابل مصطلح العدالة الذكية ، الذي درج استعماله مؤخرا على استخدام آخر ما وصلت إليه التكنولوجيا، و علم الذكاء الاصطناعي ، و التحول الرقمي، في النظام القضائي .
هناك بالمقابل طريق يمكن وصفه انه غير ذكي ، ما زال يرزح تحت وطأة الاجراءات التقليدية .
قبل كتابة هذا المقال، اجريت عشرات الاختبارات على دعاوى من ارشيف مكتبي الخاص ، نظرتها المحاكم على مدى سنوات .
الاختبارات تمت عبر برنامج الذكاء الاصطناعي، كانت نسبة الدقة في الاجابات ، مائة بالمائة ، تضمنت تعليقا على الاحكام الصحيحة ، و الاحكام التي تضمنت اخطاءا ، و اوجه الخطا ، و توقعات نتيجة الطعن ، كل ذلك بسرعة مذهلة لا يمكن للمرء ان يتجرأ على التفكير، ولو بقياسها على الفترة الزمنية التي تستغرقها اجراءات التقاضي .
الاهم من سرعة الاجابة ، جودة الاحكام - ان صح التعبير - من برنامج يصنف نفسه على انه وسيلة مساعدة بل وغير متخصصة !!!
السؤال الذي جال بخاطري ، اي ثورة في مجال التقاضي سيحدثها برنامج متخصص، مزودا بالاحكام القضائية ،
وقواعد تفسير النصوص!!! برنامج مصمم خصيصا لتحليل المسائل القانونية و الفقهية و الاجابة عليها .
بلا شك ان مثل هذا الحلم يحتاج الكثير من العمل لكنه ليس بعيد المنال .
فمنظومة العدالة في الأردن ، تخطو خطوات جادة نحو التحول الرقمي ، ضمن خططها واستراتيجياتها المستقبلية.
لكن لماذا حلم مأمول ؟
ليست السرعة و الكفاءة العالية وحدهما ما يجعلان ادماج برامج الذكاء الاصطناعي في عملية التقاضي حلما .
لكن الاهم برأيي هو قياس الجودة ، فاستعمال الذكاء الاصطناعي، بقدرته الفائقة على تحليل البيانات والمعلومات، لا يقف عند هذا الحد ، وانما يتجاوز ذلك، إلى التسبيب و التعليل المعقولين ، حد الإسهاب في تحليل الحجج المتقابلة ، و التداعيات القانونية المحتملة ، وهي ادوات تدعم وتساعد عمل القاضي و المحامي و لا تعتبر بديلا عنهما .
وبما يمكن معه القول بأنه يصلح مقالا للتعليق على الحكم
و العديد من الدول أدمجت برامج الذكاء الاصطناعي في نظامها القضائي، منها سنغافورة، الولايات المتحدة ، الإمارات العربية المتحدة، الصين وغيرها،
واصبحت المنصات الرقمية ، وسيلة اساسية ، في التنبؤ بالاحكام على ضوء تحليل السوابق التاريخية ،تحليل الوثائق ، تقديم الاستشارات ، بسرعة و دقة عاليتين .
ما نحتاج اليه اليوم في الاردن ، هو البدء في استيعاب هذه الادوات ، من خلال انشاء منصات لمختبرات افتراضية ومحاكاة قانونية للقضاة و المحامين بما من شأنه تحسين كفاءة النظام القضائي في المملكة .
، و تدريب المحامين والقضاة على ماهية الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكنه المساعدة في البحث القانوني، تحليل الوثائق، وصياغة الحجج .
ثم الاستفادة من القدرة الهائلة للذكاء الاصطناعي على تحليل التشريعات ، و السوابق القضائية، و الفقهية ورغم اتساع نطاق البحث ، وتحديد ما هو اكثر اتصالا و ارتباطاً، بالقضية
فبرامج الذكاء الاصطناعي قادرة على اكتشاف عوار الاحكام ، مع تبيان الاسباب ، وهو المسلك الذي نتخذه في العادة عبر طرق الطعن ، من خلال عملية شاقة تتطلب مراجعة السوابق القضائية و تفسير النصوص القانونية وتطبيق ذلك على الاحكام.
ويمكن لبرامج الذكاء الاصطناعي، ان تسرد اسباب فساد الاستدلال ، او القصور في التسبيب ، او الذهول عن وقائع جوهرية ، وغير ذلك من اوجه الطعن على الاحكام ، مع الالتزام بقواعد عدم التحيز ، و الحياد القانوني .
خلاصة القول ، العدالة الذكية تقرع الابواب ، فاما ان نلحق بالركب فنتفاعل مع أدواتها ، و اما ان نبقى في أنماطنا ننتظر الأخرى ، والله وحده العالم ان كانت ستاتي !!




