خبرني - في سنوات الطفولة، كانت ثلاجة الفندق بالنسبة لنا “خطًا أحمر” لا يُقترب منه. أما اليوم، فقد تغيّرت المعايير؛ أطفالنا في رحلاتهم يطلبون طلباتهم وهم “على البحر” أو “على البركة” وكأن الأمر من البديهيات. لم يكن ذلك تغيرًا بسيطًا، بل هو انعكاس لتحول عميق في عقلية المستهلك المحلي وتطلعاته.
هذا التحول يتطلب من الفنادق والمنتجعات المحلية إعادة تقييم نظرتها للسوق الأردني. السائح المحلي لم يعد “الزبون الاحتياطي”، بل بات محركًا أساسيًا لعجلة القطاع. بل إن إنفاقه داخل الفنادق، من مطاعم وخدمات وترفيه، في كثير من الأحيان يفوق إنفاق السائح الأجنبي. لكن لكي تكتمل المعادلة، لا بد من إعادة النظر في الأسعار بما يتناسب مع قدرة السوق المحلي.
ولنأخذ مثالًا بسيطًا: بدل أن يبيع الفندق ألف مشروب غازي شهريًا بعائد لا يتجاوز 5 آلاف دينار، يمكنه بيع 10 آلاف مشروب وتحقيق عائد يصل إلى 15 ألف دينار، فقط من خلال تسعير عادل وجاذب.
لكن التحدي لا يقف عند هذا الحد. فالسوق الأردني بات اليوم في مواجهة مباشرة مع منافسة عالمية شرسة، بفعل انتشار شركات الطيران منخفض التكلفة، التي أتاحت للسائح المحلي السفر إلى وجهات خارجية بأسعار قد تكون أقل من عطلة محلية. هذه المنافسة إما أن تكون فرصة لجذب السياحة الخارجية، أو أداة لخسارة السائح المحلي.
من هنا، أقترح عقد “خلوة سياحية وطنية” تجمع أصحاب الفنادق والمطاعم وشركات السياحة، إلى جانب هيئة تنشيط السياحة، بهدف التباحث في وضع خطة تسويقية جديدة تنسجم مع الواقع الجديد. خطة يكون عنوانها: “السياحة المحلية أولًا”.
ففي ظل التغيرات السياسية والاقتصادية في الإقليم، لا خيار أمامنا إلا الاستثمار في الداخل، ومخاطبة السائح الأردني بلغة تحترم تطلعاته وقدرته، وتدعوه ليكون شريكًا لا مجرد زائر عابر.




