خبرني - هيمنة الدول لم تعد مرتبطة بالنفط فقط ولا بقوائم الإنتاج التقليدية فهناك لاعب جديد قد دخل ليغير خريطة القوة العالمية اسمه الذكاء الاصطناعي.
يتوقع أن يبلغ حجم سوق الذكاء الاصطناعي العالمي نحو 371 مليار دولار أمريكي عام 2025 ومع استمرار هذا التوسع قد يصل إلى 2.4 تريليون دولار بحلول عام 2032 مما يعكس تحولا اقتصاديا حاسما من رأس المال التقليدي إلى رأس المال الرقمي والمعرفي.
تحليل صادر عن شركة (PwC) أشار إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يضيف 15.7 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030 ،أي ما يعادل 14% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي هذه الأرقام تضع الذكاء الاصطناعي كمحرك نمو رئيسي لعقود قادمة.
لم يعد الذكاء الاصطناعي ترفا تقنيا أو خيارا تجميليا للقطاعات ،بل أصبح ضرورة سيادية وأداة تمكين اقتصادي وسياسي واجتماعي، فمن لا يتقن لغته اليوم سيجد نفسه خارج معادلة التأثير والقوة وعلى هامش التاريخ في المستقبل.
رغم التحذيرات من فقدان الوظائف بسبب الاعتماد على الأنظمة الذكية إلا أن الصورة ألاكثر توازنا تقرير منتدى الاقتصاد العالمي الذي يشير إلى أن إعادة توزيع المهام بين الإنسان والآلة ستؤدي إلى فقدان 85 مليون وظيفة تقليدية مقابل خلق 97 مليون وظيفة جديدة في مجالات مثل تحليل البيانات والأمن السيبراني وتطوير البرمجيات والإدارة الرقمية.
السباق العالمي على الريادة الرقمية يتسارع ، فالصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تستثمر مليارات الدولارات في البنية الرقمية والأبحاث وتطبيقات الحوكمة الذكية وسط هذا المشهد يظهر الأردن كلاعب طموح يراهن على المستقبل.
الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي التي أطلقها الأردن للأعوام 2023 إلى 2027 تتضمن 68 مشروعا طموحا تسعى لتحديث البنية الرقمية وتطبيق الذكاء الاصطناعي في التعليم والصحة والطاقة والنقل والخدمات الحكومية.
هذا التوجه بدأ ينعكس على المؤشرات الدولية ،علما ان الأردن تقدم إلى المرتبة 49 عالميا والخامسة عربيا في مؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي لعام 2024 متفوقا على دول ذات موارد مالية أكبر بفضل تركيزه على الحوكمة الرقمية والاستثمار في رأس المال البشري.
تعمل الحكومة الاردنية ضمن الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي للاعوام 2023 حتى 2027 على تنفيذ مشروع طموح يهدف الى تدريب 15 الف موظف في القطاع العام على تقنيات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة بحلول عام 2027.
ويستهدف البرنامج بناء القدرات الرقمية للموظفين الحكوميين على مختلف مستوياتهم ابتداء من القيادات العليا وحتى الفنيين بهدف رفع كفاءة الاداء الحكومي وتحسين جودة الخدمات وضمان عدالة الوصول اليها،
وقد تم حتى نهاية عام 2024 تدريب اكثر من 6 الاف موظف ضمن هذا البرنامج الوطني باشراف مركز الذكاء الاصطناعي في وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة ،ليشكل خطوة اساسية في مسار التحول الرقمي الحكومي وبناء اقتصاد يعتمد على المعرفة
اما على صعيد التحديات فهي حاضرة أبرزها ضعف الإنفاق على البحث العلمي وتفاوت البنية الرقمية بين المحافظات وتأخر التشريعات الناظمة للذكاء الاصطناعي، لكن الاعتراف بها خطوة أولى على طريق المعالجة وهو ما تعكسه الاستراتيجية الرسمية.
الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد تقنية بل لغة جديدة للعصر من لا يتقنها يصبح أميا في عالم لا يعترف إلا بالكفاءة والابتكار ،فكما شكلت الكهرباء نقطة تحول في القرن الماضي يشكل الذكاء الاصطناعي اليوم نقطة التحول في هذا القرن.
قوة الدول لم تعد تقاس بعدد المصانع فقط ،بل ايضا بعدد الخوارزميات ، وتقدم المجتمعات لم يعد يرتبط بعدد السكان بل بعدد العقول القادرة على التعامل مع البيانات وصياغة الحلول الذكية.
الأردن على رغم قلة موارده يمتلك فرصة نادرة ليكون نموذجا إقليميا إذا واصل تنفيذ استراتيجيته بجدية وفتح المجال أمام طاقات الشباب والقطاع الخاص.
امتلاك الذكاء الاصطناعي اليوم يعني إلتحكم بمسار العالم غدا.




