*
الاثنين: 22 ديسمبر 2025
  • 24 نيسان 2025
  • 15:03
لماذا انسحب إرئيل شارون من غزة
الكاتب: محمد مرقة

كان انسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة في أغسطس عام 2005 مفصلًا تاريخيًا مهمًا، وحدثًا غير عادي ما كان يتصوّر الإسرائيليون يومًا أنه سيحدث، بل حتى كثير من غير الإسرائليين كان يرون مثل هذا أمرًا مستحيلًا. وحدث من هذا النوع عبر المسار التاريخي لا يحدث فجأة، ولا يقع اعتباطًا، فما السبب وراءه؟.

 

لو رجعنا خمس سنوات قبل هذا الإنسحاب إلى عام 2000م وبالتحديد ل28 سبتمبر حيث اندلعت انتفاضة الأقصى، كنتيجة لاقتحام رئيس وزراء جيش الاحتلال إرئيل شارون لباحات المسجد الأقصى المبارك، مما شكل موجة غضب عارمة عمّت كل أرض فلسطين، وزاد الأمر اشتعالًا مقتل الطفل محمد الدرة في اليوم التالي على مرأى الشاشات.

 

ثم عمّت الإضرابات والمواجهات عموم البلاد، وكانت وسط هذه الأجواء الملتهبة محطات تزيدها التهابًا، كمشهد استشهاد الطفل فارس عودة الذي تحوّل إلى أيقونة بتصديه وهو أعزل لا يملك سوى بعض حجارة الأرض لدبابة من دبابات الاحتلال مدججة بأعتى الأسلحة.

 

واستمرت الأمور في التصاعد إلى حد لا يمكن بحال الرجوع منه، ففي عام 2002 وصل معدل الوفيات في صفوف الإسرائيليين إلى 22 وفاة، نتيجة لتصاعد حدة المظاهرات والمواجهات والعمل المقاوم المنسق، مما دفع إرئيل شارون إلى استخدام مبدأ : وداوه بالتي كانت هي الداء، فشن حملة أمنية شرسة جدًا حملت اسم: الدرع الواقي، على جميع مدن الضفة الغربية وغزة في 29 مارس عام 2000 وحشد لها ما يقارب 30 ألف جندي، كان من أشدّها اجتياح جنين في 1 إبريل عام 2002، لكن هذه العملية مع كل العسف الذي تحلّت به، لم تفلح في كبح الغضب العارم، والحد من سرعة انتشار المواجهات، والمظاهرات، والعمل المقاوم الذي تزيد وتيرته وخصوصًا في غزة.

 

وحتى سلسلة الاغتيالات التي شنتها على قواد العمل المقاوم، وأشهرها اغتيال الشيخ أحمد ياسين في 22 مارس عام 2004 ، لم تفلح كذلك في إيقاف ما تتلقاه من خسائر، فنتيجة لذلك سارعت أشد الإسراع، في إنهاء بناء الجدار الفاصل في الضفة الغربية، والذي بدأ العمل فيه عمليًا في إبريل عام 2002 ،مما تصوّر أنه به سيضغط على مدن الضفة الغربية ويخنقها ويتفرّغ لغزة.

 

وبالفعل في عام 2004 في 18 مايو، شن جيش الاحتلال عملية بريّة على رفح سمّاها:عملية قوس قزح، امتدت لاجتياح بيت حانون في 29 حزيران، والتي خلفت هدم قرابة 300 منزل واستهداف المساجد والمدارس في بيت حانون، إلّا أنها عمليًا لم تحقق أهدافها، مما دفع جيش الاحتلال لشن عملة عسكرية جديدة في 16 أكتوبر من نفس السنة على بيت لاهيا وجباليا، وانتهت بالفشل كذلك.

 

ورغم الهدنة المبرمة في شرم الشيخ عام 2005 والتي تقضي بتوقف القتال، والافراج عن 900 أسير فلسطيني والانسحاب من مدن الضفة، إلّا أن جيش الاحتلال لم يلتزم عمليًا بها، فبدرت منه مئات الخروقات، واشتعلت الحرب من جديد بعد هدوء نسبي، إلى أن كان ما كان في صيف عام 2005.

 

كان انسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة في أغسطس عام 2005 ،تنفيذًا لخطة اقترحها إرئيل شارون عام 2003، وتم فعليًا تفكيك المستوطنات، وهدم المباني السكنية الإسرائيلية، بل إجبار المستوطنين الرافضين للإخلاء على الخروج بالقوة، ويجدر بالذكر أن عدد المستوطنين في قطاع غزة بلغ 9000 مستوطن منتشرين في 21 مستوطنة.

 

وحاول إرئيل شارون تبرير هذا الانسحاب، بأنه خطة لعزل غزة وتجنب الضغط الدولي، وكأن كيان الاحتلال يأبه بالعالم وقرارته أصلًا. وأيًا ما يكن من حجج ساقها إرئيل شارون لانسحابه من قطاع غزة وبنائه الجدار العازل، إلّا أن مسار الأحداث يكشف بلا شك، أن صمود الشعب الفلسطيني، وتمسكه بالثوابت ورفضه للخنوع مع طول مدة المواجهة الممتدة لخمس سنوات تقريبًا بين عامي 2000 و 2005، أجبر الكيان على الإنسحاب، وأن طول مدة الحرب يجب أن لا يفت في عضد صاحب الحق.

مواضيع قد تعجبك