في ظل التحولات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، وتفاقم التحديات الإقليمية والمحلية التي تعصف بالشباب فكراً وسلوكًا، بات تفعيل القرار الأممي 2250 أمرًا بالغ الأهمية في المملكة الأردنية الهاشمية، ليس كمجرد التزام دولي، بل كضرورة وطنية لحماية عقول شبابنا وقلوبهم من الانسياق خلف أفكار مشبوهة ومضلِّلة، تُلبَس لبوس الدين أو الوطنية زورًا وبهتانًا.
إنّ العمل الوطني الصادق لا يُمارس في الظلام، ولا يُقاد من قِبل أفراد لا يحملون أي صفة قانونية أو تأهيلية، بل إن أي تنظيم أو نشاط يُمارس بسرية، تحت الأرض، خارج إطار المؤسسات الرسمية، هو خطر مباشر على أمن المجتمع وسلامة أفراده، وهو خرق صريح للدستور وتعدٍّ على هيبة الدولة.
من هنا، تتجلى قيمة القرار 2250، الذي أقره مجلس الأمن الدولي بمبادرة أردنية تاريخية، والذي شكّل أول إطار أممي يعترف بالشباب كشركاء فاعلين في قضايا السلم والأمن. القرار لا يتحدث عن الشباب كضحايا فقط، بل يعترف بقدرتهم على صناعة التغيير الحقيقي من خلال محاوره الخمسة: المشاركة، الحماية، الوقاية، الشراكة، وإعادة الإدماج.
إنّ الشباب لا يحتاجون إلى وعود فارغة، بل إلى أدوات حقيقية للمشاركة والتأثير. لدينا في الأردن مؤسسات راسخة، وبرامج وطنية، وجامعات ومراكز تدريب ومعاهد متخصصة، كلها أدوات تمكين وتعزيز. فالعقل الأردني الناضج لا يبحث عن شعارات رنانة، بل عن فرص واقعية تُمكنه من خدمة وطنه ضمن أطر القانون والدستور.
ولا بد أن نؤكد، أنّ فهم الدين والتعليم لا يُؤخذ من أفواه المتعالمين ولا من أصحاب المنابر المأجورة، بل من العلماء الثقات، والمفكرين العدول، والمثقفين الذين أناروا العالم بعلمهم واعتدالهم، وصاغوا شخصية الأردن المتحضرة المتزنة.
إنّ وقاية الشباب ليست شعارًا نردده، بل مسؤولية جماعية تشترك فيها السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، إلى جانب الأسرة، والمدرسة، والمجتمع المدني. فالشباب اليوم بحاجة إلى بيئة حاضنة وآمنة، تُفسح لهم المجال ليكونوا صُنّاع أمل، لا أدوات دمار؛ بناة سلام، لا وقود نزاعات.
المواطنة ليست انفعالًا، بل التزام بالقانون، وولاء للوطن، واحترام للعقد الاجتماعي الذي يجمعنا تحت ظل راية واحدة، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، حفظه الله، الذي ما فتئ يؤكد على دور الشباب كمحور للتنمية والاستقرار.
وفي ختام هذا المقال، ندعو الله أن يحفظ الأردن، قيادةً وجيشًا وأجهزة أمنية، وأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان، وأن يبارك في شباب الوطن، ليكونوا درعًا يحميه وسهمًا ينهض به.
اللهم احفظ الأردن وأهله، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً، وبارك في قائده وجيشه، وأجهزته الأمنية الساهرة، واحفظ عائلاتنا وأبناءنا من كل فتنة، وسدّد خطاهم لما فيه خير الوطن والأمة.
عضو ممثل محافظة المفرق في الائتلاف الوطني الأردني لشباب والسلام والأمن




