*
الخميس: 18 ديسمبر 2025
  • 17 نيسان 2025
  • 11:36
حماية التراث الثقافي الأردني مسؤولية كبيرة
الكاتب: الدكتور زيد احمد المحيسن

حماية التراث الثقافي الأردني يعد مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الحكومة والمجتمع معًا، فالأردن هو بلدٌ غني بتاريخ عريق يمتد لآلاف السنين، حيث يعكس هذا التراث تجارب الأمم المختلفة التي مرَّت عليه عبر العصور، بدءًا من الحضارات القديمة مثل الأنباط والرومان، وصولًا إلى الفتوحات الإسلامية وما تلاها من أحداث تاريخية كبرى. من هنا، يعتبر التراث الثقافي الأردني متحفًا حيًا يعكس تاريخ الإنسان وتطوراته، ويُعدّ مصدرًا مهمًا للفخر الوطني ولجذب السياح والمستثمرين.


لحماية هذا التراث، يجب أن يكون هناك تضافر للجهود بين جميع الأطراف المعنية، بدءًا من الحفاظ على المواقع الأثرية والتاريخية. تعد المواقع الأثرية مثل البتراء، جرش، أم قيس، وقلعة الكرك من أهم المواقع التي تعكس تاريخ المنطقة، وهي بحاجة إلى صيانة دائمة للحفاظ على بنيتها التحتية. هذه المواقع تحتاج إلى موازنات خاصة لضمان استدامتها، فضلاً عن أنشطة التوعية العامة لأهمية الحفاظ عليها.


من جانب آخر، لا يمكن إغفال الحفاظ على المعمار التقليدي، الذي يعكس هوية الشعب الأردني وتاريخه في بناء المدن والقرى. يتطلب الحفاظ على المعمار القديم، كالمنازل المبنية بالطوب والطين والحجر، ممارسات فنية تراثية مثل استخدام المواد المحلية والطرق التقليدية في الترميم. ينبغي أن تشجع السياسات المحلية على استعادة تلك الحرف القديمة وتنظيم ورش تدريبية للأجيال الجديدة على مهارات البناء التقليدي.


الأردن، بفضل تنوعه الثقافي، يحتاج أيضًا إلى حماية الموروث الشعبي والفلكلوري الذي يعد جزءًا لا يتجزأ من الهوية الأردنية. الأزياء التقليدية، والرقصات الشعبية، والأغاني، والموسيقى المحلية تمثل جزءًا من الحياة اليومية للأردنيين. يجب أن يتم توثيق هذه الفنون وحمايتها من التلاشي عبر تنظيم المهرجانات الثقافية وحماية الحقوق الفكرية للأعمال الفنية الشعبية، إضافة إلى دعم الفلكلور الأردني في المدارس والمراكز الثقافية.


أما على المستوى التشريعي، فيجب وضع قوانين وتشريعات صارمة لحماية التراث الثقافي من النهب والسرقة، ويجب أن تشمل هذه القوانين تنظيم تداول القطع الأثرية والمخطوطات القديمة، سواء كانت داخل البلاد أو خارجها. يمكن الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في عملية التوثيق الإلكتروني للمواقع الأثرية والقطع التاريخية لتسهيل عملية الاسترجاع في حال فقدانها.


إن حماية التراث الثقافي الأردني لا تقتصر فقط على الحفاظ على الماضي، بل هي أيضًا استثمار للمستقبل. من خلال الاهتمام بهذا التراث، نتمكن من تعزيز الهوية الوطنية الأردنية في وجه تحديات العولمة، كما أنه يعزز السياحة ويحفز الاقتصاد المحلي. لذلك، لا بد من تنسيق الجهود بين المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني للحفاظ على هذا الكنز الثقافي وضمان انتقاله للأجيال القادمة.

مواضيع قد تعجبك